سر من أسرار نشر الأزل – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

سِرٌّ مِنْ أسرارِ نشرِ الأزْلِ في حَضْرةِ الآن إلى الأبْدِ

 

قال المُجَدّدِيّ : إنّ كَوْن كلّ عصرٍ – مِنْ جهة مُكوّناته – متأخّرٌ عن سابِقه فهذا سرّ مِنْ أسرار نَشْر الأزل في حَضْرة الآن، حتّى يصل إلى الأبَد عين نقطة البداية في دائرة الوُجُود و هي نقطة الأزل، و عليه فإنّ الحَاكِم على الزمن – و الذي هو نِسْبة عدميّة بتتابع النَفَس الرّحماني – في ترتيب مقاديره مِنْ حيث الظهور والانعدام هو عين استعداد العالَم لفيض كُنْ الحقيقة ، و مِنْ ثُمّ و بناءً على ما تقدّم نجد أنّ الأزْل في وَجْهٍ مِنْ وُجُوه أسراره كان أزلاً بكون الاستعدادات تابعة للأعيان ، و الأعيان ثابتة في عِلْمِه تعالى ، فكان استعدادها ثابت بالتبعيّة ، فكان أزلاً ، و ما صار خارجاً إلا بخروجه إلى المُمْكِن ، فدخلتْ الاستعدادات في دائرة إمكاناتها فكان الآن ، و ما في الآن إلا أبْدَع إمكانٍ و هي تَتِمّة مُجَدّدِيّة لذَوْقٍ غزاليٍّ حيث قال قدّس الله سرّه ” ليس في الإمْكَان أبدع مِمَا كان “ و أقول :

 ” ما في الآن إلا أبدع إمْكَان “ و ما الأبد مِنْ وَجْه إلا ظُهُور كلّ الاستعدادات في أعيان هذا العالَم بحقائقها ، فيكون الأبد ، وعنه خلود شقاءٍ أو خلود سعادةٍ و كلاهما خلود بقاءٍ كلّ على حسب ما ظهر به في آنِه الذي كان أزَلَه فصار أبَدَه و هو هو عَيْنُه .

و يُدْرِكُ هذا مَنْ كان مِنَ الخاصّة مِمَنْ ليس لهم خُلُق كُنْ ، و لكن يُدْرِك هذا السِرّ مِنْ كَوْنه صاحب رؤيا يراها في اليقظة كما في المَنَام فيعَرْفِ عَيْن الآن مِنْ عَيْن الأبد كما عَرَف المُكاشِف عَيْن الأزل و هوَ هوَ عَيْنه .

قال المَلِك العَبْد : سبحان الذي اختصّ الآن بأبْدَع إمْكَانٍ و هو البديع أبداً .. كما هو أزلاً .. فكيف لا يكون البديع الآن !! .

قال المُجَدّدِيّ : إذن عليك الآن الانتقال إلى ما بعد آنِكَ إلى المَبْحَث التالي لتَعْرِف ما بعد هذا الآن و هو عَيْن ما في آَنِكَ و هو أبْدَع إمكانك لتتعرّف على سِرّ كُنْك .

 


( من كتاب‏‏ نبوغ المجددية في تطوير الأذواق العرفانية للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى