الوضوح الروحي سر شريف

للوُضوحِ الرُّوحيِّ سرٌّ شريفٌ وجميلٌ من كونِهِ روحانيةُ سرِّ الحياةِ المتفوِّقة

أنا شخصياً أعشقُ الأرواحَ لتحرُّرِها من جسديَّتِها المُكبَّلةِ بالقيودِ وعدمِ الوضوحِ الرُوحيِّ لسرِّ طينتِها إلى تحرُّرِها لوضوحِ روحِ بصيرتِها والتكشُّفِ بأعلى مراتبِ الوُضوحِ الرُّوحيِّ والشفافيةِ للمُتجلِّي عليها ..

للوُضوحِ الرُّوحيِّ سرٌّ شريفٌ وجميلٌ إذ به تقرأ الوجودَ بتلكَ النيَّةِ الصافيةِ الشفافةِ فلا يكونُ بالذاتِ أيُّ كدَرٍ أوعدم حُسنِ نيِّةٍ .. ويكونُ الصَّدرُ واسعاً ، لأنَّ الوُضوحَ الرُّوحيَّ لا يكونُ إلَّا بعبدٍ أحسنَ السرَّ والسريرةَ بربِّهِ .. إذِ الوجودُ فِعْلُهُ جلَّ وَعلا ؛ وَ هوَ المحرِّكُ لهُ بأدقِّ تفاصيلِهِ ولا يخرجُ عن وجوده موجودٌ .
فبوضوحي  الرُّوحيِّ لا أمتلئُ إلا وضوحاً نفسياً وعقلياً وقلبياً في الصورةِ بينَ يدي المُصوِّر ، وإنْ كانَ في الدنيا مَن هوَ دونَ الوُضوحِ الرُّوحيِّ فلا يكونُ لهُ بذاتي إلَّا تلكَ الصورة المُبعَدة عن النَّقاءِ .

فبجمالِ صورةِ وضوحي الرُّوحيِّ لِما تحملُ ذاتي أكُونُ عبداً متحققاً بالعبوديَّةِ .
كما أنَّ سجودي الكليَّ هو سجودٌ دائمٌ لوضوحِ روحِ جمالِ المُصوِّرِ المبينِ جلَّ وعلا ..

إذاً الوضوحُ الرُوحيُّ هو وضوحٌ كلِّيٌّ ولا يَصحُّ أن يكونَ جزئياً في الأشياءِ كما في الوضوحِ العقليِّ

 أو الوضوحِ النفسيِّ أو الوضوحِ المصطَنَعِ .. فلا يكونُ في مجالِ الحياةِ المتفوِّقةِ بكلِ تعاملاتِهَا إلَّا الوُضوح الرُّوحيّ .

نعمْ .. يجبُ أن تكونَ كتابَ الحبِّ الواضحِ فلا يخرجُ منكَ إلَّا ما فيكَ من وضوحِ الصورةِ ؛ فإذا خرجَ منكَ ما هوَ عكسُ ما فيكَ فقد دنَّستَ المَحلَّ .

هكذا تكونُ العلاقةُ معَ الناسِ بوضوحٍ رُوحيٍّ تامٍّ ، لأنَّهُ لن يأتيَ بعدَ الوُضوحِ الرُّوحيِّ إلَّا وضوحُ ما هوَ مكتوبٌ ومقدَّرٌ ..

وهذا هو الفرحُ الحقيقيُّ ..

أن نرى ما هوَ مكتوبٌ في لوحِ الوُضوحِ الرُّوحيِّ  ..

و نتائجُه : كلُّ ما خلا الله باطلُ ..

أهمِّيتُه : أن لا أكونَ .. إلا واضحاً .. فأنا مصدرُ روحانيةِ الوُضوحِ .

تحقيقُهُ : أن أتحقَّقَ بالوضوحِ الرُّوحيِّ نقاءً وصفاءً وطُهراً وقدسيةً .

( من كتاب‏‏ السر الروحي للحياة المتفوقة للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .