سر من أسرار روحانية كن – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

سِرٌّ مِنْ أسرار رُوحانيّة كُنْ

قال المُجَدّدِيّ : لتعلمْ وليّي في الله تعالى أنّ رُوحانيّة كُنْ رُوحانيّة عالية مِنْ وَجْه ، فهي عند الرَبّانيّين كلمةٌ ليست كالكلمات ، و أقول على سبيل الذِكْر ، هناك فرقٌ بين أهل العِرْفَان مِنَ العَارِفِين و أهل العِرْفَان مِنْ أهل الأنْوَار ، ففي الأسماء الإلهيّة مثلاً دائماً يكون عدد الأرواح عند العَارِفِين مِنْ أهل الأنْوَار أكثر مِنْ عدد الأرواح عند أهل الأنْوَار غير العَارِفِين ، مع أنّ العين المَعدُودَة أرواحها في عِلْم المَراتِب واحدة ، و لكن لكلّ مِنْهم ذَوْقه ، إلا أنّ كُنْ مِنْ جِهة عدد أرواحها ثابتة عند الطرفين ، و هي تعدّ /70/ سبعين روحاً ؛ هي سبعون نوراً و هي عَيْن البَاطِن و عَيْن العين مِنَ الحُرُوف ، إلا أنّ خُلُق كُنْ خُلُقٌ عزيزٌ ليس مِنْ مَقدُور كلّ وَلِي حِيَازته ، فتتفاوتْ الرُتَب فيمَا بينهم ، و يكن عند مَنْ هم مِنَ المُلامَاتيّة على قَدَمِ سيّدنا مُحَمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم على الوَجْه الأَكْمَل فحَظُه شهود الذَات ، و يَقُلّ عند مَنْ هم على قَدَم سيّدنا عيسى عليه السّلام فحَظُه توحيد الصِفَات و كلاهما بالحَقّ ، إلا أنّ خُلُق كُنْ في الأخير أنْزَل درجةً ، فكان أقلّ كَمَالاً ، و لو أردتُ أنْ أفصّل في درجات خُلُق كُنْ عند أهل الديوان مِنْ عالَم الأنْفَاس لبلغ ما بلغ ، مَنَعَنا مِنْ ذلك ضِيْق الوقت المُقيّد لهذا الوَارِد فكان علامة مِنْه سبحانه على كِتْمَانه و الحَمْدُ لله رَبّ العَالَمِين .

قال المَلِك العَبْد : أبِهَذا تَخْتُم ؟

قال المُجَدّدِيّ : بلْ بخَاتَم الرُسُل صلّى الله عليه وآله وسلّم فإليكَ خُلُق كُنْ المُحَمّديّ في مَبْحَث أحَديّ .

( من كتاب‏‏ نبوغ المجددية في تطوير الأذواق العرفانية للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .