قاعدة فتحنا لك – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

قَاعِدَةُ فَتَحْنَا لَكَ أوِ اسْتَفْتِحْ لِتَصِلَ فتَسْتَرِحْ

3- قَاعِدَةُ فَتَحْنَا لَكَ أوِ اسْتَفْتِحْ لِتَصِلَ فتَسْتَرِحْ :

– مِنَ الْعَاشِقِيْنَ مَنْ وَقَفُوا عِنْدَ الْبَابِ يَقْرَعُونَ بِالذِّكرِ وَ يَسْتَفْتِحُونَ ..

وَ مِنْهُمْ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْأعْتَابِ يَنْتَظِرُ الْإذْنَ لِفَتْحِ الْبَابِ ..

وَ مِنْهُمْ كَمَالِيٌّ لَا يُغلَقُ بِوَجْهِهِ بَابٌ أصْلَاً .

– تُرجمانُ حُبٍّ :
لأنَّ الإنسانَ العاشقَ إمَّا يكونُ مفتوحاً لهُ فهو مِن الداخلينَ

وإمَّا هو ممَّن ينتظرُ أمامَ البابِ ليُفتَحَ لهُ فهو في حالةِ انتظارٍ

أو في حالِ سلوكٍ  يطلبُ الوصولَ إلى البابِ ولكنهُ لم يصلْ بعدْ ..

وهذا الأخيرُ يُعاني من علةِ عدمِ وصولِهِ البابَ .

وعلةُ عدمِ وصولِهِ إلى البابِ إنَّما هي من خللٍ في السلوكِ :

فهو إمَّا متخلفٌ عن ركبِ أهلِ اللهِ تعالى  فلم يلتحقْ بالوليِّ المرشدِ ربانِ الفُلكِ المَشحونِ المسافرِ إلى ربِّ الحُبِّ .

وإمَّا أنَّهُ مقصِّرٌ في الذِّكْرِ .

أمَّا مَن هم عندَ البابِ  فليسَ لهم إلا أنْ يَقرعوه بالذِّكْرِ بلا فُتورٍ منهم  بلْ يجبُ أن تكونَ إرادتُهم المحبوبَ حاضرةً في كلِّ نَفَسٍ من أنفاسِهم ، فإنَّ قارعَ بابِ الحُبِّ إن لم يتَّصِفْ بالحُبِّ وإرادةِ المحبوبِ الحقيقيةِ فلا فتحَ لَهُ .

والسؤالُ المطلوبُ الإجابة عليهِ بشدةٍ وإلحاحٍ هنا هو : كم ينتظرُ القارعُ أمامَ البابِ ليَفتحَ لهُ البوَّابُ ويُدخلَهُ على المَلكِ المحبوبِ ؟

الجوابُ هوَ : لابدَّ من الإخلاصِ أربعينَ يوماً .. هذا توقيتٌ لابدَّ منهُ كما أشارَتْ بذلكَ السُّنَّةُ الشريفةُ ، فإنَّ الفتوحَ تتوالى بعدَ هذا التوقيتِ على حسبِ  استعدادِ القارعِ .

وأسرارُ الأربعين عندَ أهلِ اللهِ تعالى كثيرةٌ تكادُ تدخلُ في كلِّ بابٍ وعلمٍ من علومِهم  ..

أمَّا فيما يخصُّ علمَ الحبِّ الإلهيِّ وقواعدَ العشقِ الكماليِّ فيهِ  فإنَّ ذاتَ المحبِّ السالكِ طريقَ الحُبِّ  لهُ مقاومةٌ خاصةٌ في عالمِ الأرواحِ ولكنَّ هذهِ المقاومةَ متفاوتةٌ بينَ محبٍّ وآخرَ ، ولكن بالجملةِ يكسرُ كلَّ تلكَ المقاوماتِ مهما تكُنْ إخلاصُ أربعينَ يوماً متتالياً .

وهذا سرٌّ من خواصِ مقامِ الإخلاصِ في عالِمِ الحُبِّ الإلهيِّ . فتنبَّهْ تَرشَدْ .

ولذلكَ رَأيْنا مِن المحبِّينَ مَن لايعتاصُ عليهِ الفتحُ بعدَ أربعينَ يوماً من إخلاصِ الحُبِّ

والذِّكْرِ ..

ولَربَّما يقولُ أحدُهم : إنِّي بقيتُ أكثرَ من ذلكَ ولمْ أجدْ نتيجةً ؟ فنجيبُهُ بيقينٍ :

إنَّكَ لو أخلصتَ فعلاً لَما تأخرَ الفتحُ لكَ ؛فإنَّ غيرَك من المخلصينَ في الحُبِّ عندما أخلَصوا بحرارةٍ إيمانيةٍ عشقيةٍ عاليةٍ فُتِحَ لهم قبلَ الأربعين ومنهم مَن كانَ في إخلاصِهم حبُّهم مِن النُّورِ والصدقِ ممَّا أدَّى للفتحِ لهم بأقلِّ من ثلاثةِ أيامٍ ..

إذاً : ما استبطأ فتحٌ إلا بما أنتَ عليهِ .

ولعلَّ من أدبِ القرعِ لبابِ المحبوبِ – وهذا مهمٌ جداً للسالكِ المحبِّ – أن لايشكَّ في أنَّ البابَ سيُفتَحُ .. بلِ الفتحُ قادمٌ لامحالةَ .. ويكفي السالكُ العاشقُ هنا شرَفاً أن يُحسنَ الظنَّ باللهِ تعالى في فتحِهِ فإنَّ لحُسنِ الظنِّ باللهِ تعالى سلطاناً في فتحِ أبوابِ الحُبِّ للمحبينَ . فتنبَّهْ تصِلْ .

 


( من الرسالة الأولى في بسط قواعد العشق للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى