سر عالم الكلمة – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

سِرُّ عَالَمِ الكَلِمَةِ ورُؤيَةِ القَولِ بِالبَصَرِ

 

 

نَصِلُ هنا لِسرِّ عَالَمِ الكَلمةِ ورُؤيةِ القولِ بِالبصرِ، فَكُلُّ النُّصوصِ والأحاديثِ تُشيرُ إلى أنَّ الكَلمةَ الطَّيبَةَ يَتَخلَّقُ منها مَلَاكٌ يَرعَى هذِه الكَلمةَ الطَّيبَةَ، والكَلمةُ الخَبِيثَةُ يَتخلَّقُ منها مَلَاكٌ يَرعَى هذِه الكَلمةَ الخَبِيثةَ، إلى يومِ العَرْضِ .

فَكُلُّ كلمةٍ يَتلفَّظُ بها العَبدُ هيَ مَحَطُّ تَخلِيقٍ، يَخلِّقُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ مِنها مَلَاكاً، وهذَا المَلَاكُ إمَّا أنْ يَرحَمَك وإمَّا أنْ يَلعَنَكَ .

تَقولُ المَلائكةُ لأهلِ الجَنَّةِ { .. سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } الزمر73 ، وتَقولُ لأهلِ النَّارِ { .. لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ } آل عمران 61 ، فَأُولئِكَ لَمْ  تُطَابقْ أقوَالُهم أفعَالَهم .

مَثلاً أنْ يَقولَ فُلانٌ ” حَدثَتِ الجَرِيمةُ الفُلانِيةُ “ ولَمْ تَحدُثْ حَقِيقةً ، فَتقُولُ المَلائكةُ : ” لَعنةُ اللهِ عَليهِ “ ، فَكَمَا أنَّ المَلَائكةَ لَها سُلطانٌ لِلرَّحمةِ وكَذَا المَلائكةُ لَها سُلطانٌ لِلنِّقمَةِ، إذْ أنَّ المَلائكةَ نَفسَها هيَ المُوَكَّلَةُ بعذابِ أهلِ النَّارِ: { .. عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } التَّحريم 6 ، تَأتِيهم تِلكَ المَلائكةُ بِصورَةٍ مِنْ أبشَعِ الصُّورِ، لَحظةَ رُؤيتِها تَرتَعِدُ فَرَائِصُ أهلِ النَّارِ رُعباً … يقولُ المَثَلُ الشَّامِيُّ ( جاءَك المَوتُ يَا تَارِكَ الصَّلاةِ ) .

رَوَى البُخاريُّ ومُسلِمٌ عَنْ أنَسٍ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ : ” إنَّ العبدَ إذا وُضِعَ في قَبرِهِ وتَولَّى عَنهُ أصحَابُهُ وإنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِم إذا انصَرفُوا ، أتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدانِهِ فَيَقُولانِ مَا كُنْتَ تقولُ في هذَا الرَّجلِ مُحمَّدٍ ؟ فأمَّا المُؤمنُ فيَقولُ أشهَدُ أنَّه عَبدُ اللهِ ورَسُولُه ، فَيُقالُ لَه : انظُرْ إلى مَقعَدِكَ مِنَ النَّارِ أبْدَلكَ اللهُ بِهِ مَقعَدَاً مِنَ الجَنَّةِ، فَيَراهُمَا جمِيعاً ، وأمَّا الكَافِرُ أو المُنَافِقُ فيقولُ لا أدرِي كُنتُ أقولُ مَا يَقولُهُ النَّاسُ فِيهِ ، فَيُقالُ لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَديدٍ بَينَ أُذُنَيْهِ فيَصِيحُ صَيْحَةً يَسمَعُها مَنْ يَلِيهِ إلَّا الثَّقَلَيْنِ ، ثُمَّ يَفِيقُ مِنْ ضَربَتِهِ تِلكَ ” .. { ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى } الأعلى 13، كَذَا المَلائكةُ الذِينَ خَسَفُوا سَادُومَ وعَامُورَةَ قَومَ لُوطٍ، دَخلُوا على إبرَاهيمَ عليهِ السَّلامُ بِشكلٍ حَسَنٍ وحِليَةٍ حَسنَةٍ، سَأَلَهم سَيِّدُنا إبرَاهيمُ عليهِ السَّلامُ { .. فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ } الحجر57 ، أجَابُوه { لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِن طِينٍ } الذَّارِيات 33 ، وحِينَ جَاؤُوا بَيتَ سَيِّدِنا لُوطٍ عليهِ السَّلامُ جَاؤُوا بِمَظهرٍ جَميلٍ يُحاكِي البَشرَ، فاشتَهَاهُم رِجَالُ القومِ وعَزَموا على أخذِهِم لِيَفتَعِلُوا بِهم، فهذِه المَلَائكةُ الجَمِيلةُ كانَت مَلَائكةَ عَذَابٍ وتَدمِيرٍ لَهم، مَلَاكٌ جَميلُ المَظهَرِ ولَكنْ لدِيهِ سُلطانٌ، فَكَمَا أنَّه كَانَ لدَيهِم سُلطانٌ لِتَبشِيرِ إبرَاهيمَ عليهِ السَّلامُ كانَ لدَيهِم سُلطانٌ لِتدمِيرِ قَومِ لُوطٍ عليهِ السَّلامُ .

اللهُ الجَميلُ هوَ نَفسُه البَاسِطُ، وهوَ القَابِضُ هوَ الرَّحمَنُ الرَّحِيمُ، وهوَ المُنتَقِمُ الجَبَّارُ القَهَّارُ، فَصِفَةُ القَهرِ وصِفَةُ الرَّحمَةِ مُستَقِلَّةٌ عَنْ ذَاتِيَتِهِ، ولَكِنَّها وَصفٌ لِلذَّاتِيَّةِ كَذلكَ المَلَاكُ .

في هذِه النُّصوصِ و مِنْ بُحُورِ هذَا العِلمِ نَجِدُ أنَّ كُلَّ كَلِمةٍ نَنطِقُها يُخلِّقُ اللهُ تعَالى مِنها مَلَاكاً يُسَبِّحُه عَزَّ وجَلَّ إلى يومِ القِيامةِ، فهذَا التَّسبِيحُ إمَّا دُعاءٌ لَكَ أو لَعنَةٌ عليكَ، لِذَا يقولُ أهلُ النُّورِ ” نَعُوذُ بِكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ “ ، بَينَمَا السَّحرَةُ يَستعِيذُونَ بِكلماتِ اللهِ الخَبِيثَاتِ، فهُناكَ كَلمةٌ خَبِيثةٌ وهناكَ كَلمةٌ طَيِّبةٌ، وقد جاءَ في القرآنِ الكريمِ :

{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء} إبراهيم 24 ، { وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ } إبراهيم 26 .

وقد ثَبُتَ في القرآنِ الكريمِ الكِتابِ الإلَهيِّ والسُّنَّةِ الشَّريفَةِ الفُرقَانِ المُحَمَّدِيِّ أنَّه يَتَخلَّقُ مِنَ  الكَلماتِ الطَّيِّبةِ والكَلماتِ الخَبِيثةِ كَائنَاتٌ مُشاهدَةٌ في عَوَالِمِ الغَيبِ لِمَنْ تَحقَّقَ بالمُشاهدَةِ الغَيبِيَّةِ ورُؤيةِ القولِ بِالبصرِ، فَالكلمةُ الإلَهيَّةُ تَخَلَّقَ مِنها كَائنٌ بَشرٌ هوَ رُوحُ اللهِ عِيسَى ابنُ مَريمَ الإمَامُ المُنتَظَرُ، كلمةُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ تَكوَّنَت لَحمَاً ودَمَاً، سَلَامٌ عَليكَ يَا حَبِيبِنا يَومَ وُلِدتَ ويَومَ تَمُوتُ ويَومَ تُبعَثُ حَيَّاً، وكلمةُ المُؤمِنِ يَتَخلَّقُ مِنها مَلَاكٌ، وكلمةُ الكَافرِ يَتَخلَّقُ مِنها مَلَاكٌ وشَتَّانَ بَينَ المَلَائكةِ الرَّحِيميَّةِ والمَلَائكةِ الغَضَبيَّةِ كَأشهَادٍ على مَصِيرِ العِبَادِ.

والمَسألةُ الآنَ لِكمَالِ هذَا البَيانِ هوَ إبَاحةُ الكلامِ، إذْ ليسَ في هذَا الوجُودُ مَنطِقُ ” ( لا ) حَرامٌ “ ، ” ( لا ) حَلالٌ “ ، وإنَّمَا المَنطِقُ الكَونِيُّ ” حَلالٌ “ أو ” حَرَامٌ “ ، ” خَبِيثٌ “ أو ” طَيِّبٌ ” .

ومِثَالٌ يَضرِبُه لَنا العَارفُ بالله تعَالى الذِي تَقَدَّسَ سِرُّهُ هَانِيبَالُ حَربٍ الدِّمَشقِيُّ كَمَا سَمِعتُ العِلمَ مِنه؛ أنَّ العملَ كُتِبَ في صَحِيفةِ شَرْعِ الحَقِّ عِبَادةٌ، ومِنه نَفهمُ تِلكَ الإفادةَ بأنَّ الكَلمةَ وقَد نَطَقَتْ بها العِبادُ وهيَ قَائمةٌ على عَملِها، تَكونُ في الرُّوحِ إمَّا لِخيرِها أو شَرِّها، بِحروفِ تِلكَ الكلماتِ المُتلَفَّظةِ تَلِجُ الرُّوحُ خَيرَها أو جَحِيمَها، فَعَلَى اختِلافِ نَوَايا القُلوبِ يُكتَبُ العملُ، فَتَتلَفَّظُ القلوبُ المُظلِمَةُ بِكلماتِ الاحتِيالِ المَادِّيِّ والرِّبحِ الظَّالِمِ لِذِي الحَاجَةِ، فَتُسَطَّرُ كلماتُه في كِتابِه الذِي يَأتِي بهِ يومَ العَرضِ بِشمَاله، وتَتَلَفَّظُ القلوبُ النَّيِّرةُ بكلماتِ الخيرِ الإلَهيِّ والرِّبحِ الرَّحِيميِّ بنوَايَا الإحسَانِ لِذِي الحَاجَةِ، فَتُسَطَّرُ كلماتُه في كِتابِه الذِي يَأتِي به يومَ العَرضِ بِيَمينِه، وهذَا حَقِيقةُ مَا قَالَه حَبِيبُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ النَّاطِقُ بِلسانِه مُحمَّدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصَحبِهِ وسلَّمَ : ” إنَّمَا الأعمالُ بالنِّيَّاتِ “ ، فَرَاقِبوا أروَاحَكم أيُّها القَرِيبُون إلى الحَقِّ تعَالى، وتَلَفَّظوا بكلماتِ الرَّحمَةِ لِتكونَ مَلَائكتُكم رَحمَانِيَّةً، لِتُرسِلوا – كَحَضارَةٍ مُسلِمَةٍ – إلى الحَضَاراتِ السَّمَاويَّةِ و حَضَاراتِ مَا تَحتَ العَرشِ كَائناتٍ رَحمَانيَّةٍ جَمَّلَها اللهُ تعَالى، تُمثِّلُ جَمالَ أروَاحِنا وحَقِيقتِها الكَامنةِ في كَلمَاتِنا، فهيَ صُوَرُكم المَلَائكيَّةُ .. صُوَرُكم الإيمَانيَّةُ، حَصِيلةُ أقوَالِكُم في يَومِكم إنْ كُنتُم مُحسِنِينَ أخلَاقِيِّينَ أبرَاراً أثنَتْ مَلائكةُ السَّماءِ عَليكُم .

أمَّا الأشرَارُ الفُجَّارُ الكُفَّارُ مَلائِكةُ السَّماءِ تَلعَنُهم، فَالمَلَائكةُ لَهَا دُعاءٌ مَسمُوعٌ مُجَابٌ مِنْ رَبِّ الأربَابِ سُبحَانه .

ويقولُ قَائلٌ فَلَا أسُبُّ فُلاناً ولا أتلَفَّظُ بالفَاحشِ البَذِيءِ مِنَ الكَلامِ، وإنَّمَا أدعُو عليهِ دُعاءً يُقتَصُّ منه ويَنَالُ مِنْ شَخصِه، فَيُجِيبُه الهَانِي باللهِ تعَالى بِلسَانِ الحَقِّ كَوَاقِفٍ بِأنوارِه تعَالى ، صَحيحٌ أنَّ الدُّعاءَ نُورٌ والسُّبَابُ فُجُورٌ، ولَكِنْ أنْ تَدعوَ على فُلانٍ ( قَصَفَ اللهُ عُمُرَهُ ) ، وقد آذَاكَ إيذَاءً حَقِيقتُه لا تُقابِلُ حَقِيقةَ هذَا الدُّعاءِ، وقد بَالَغتَ في الرَّدِّ على فِعلِهِ فتكونُ ظَالِماً إيَّاهُ بِذاكَ الدُّعاءِ أو بِمَا مَعنَاهُ، فإذَا كانَ لَكَ بِالرَّدِّ قِصَاصٌ فَليَكُنْ رَدُّكَ بالدعاءِ عليهِ بقَدْرِ ظُلمِه إيَّاكَ، كَمَا أمرَنا اللهُ عَزَّ وجَلَّ في كتابِهِ العزيزِ : { .. فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ..} البقرة 194 ، فلا تَدعُو بأكثرَ مِنْ حَقِّكَ على مَنِ اعتَدَى، كَمَا جاءَ في كَلمتِه تعَالى : { .. وَأَنْ تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى .. } البقرة237 ، ويقولُ اللهُ تعَالى : { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ {156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {157} البقرة .

فإذا كانَ لَكَ أنْ تُحقِّقَ قولَه تعَالى : { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } المائدة45 .

ومِثَالُه أنْ تَرُدَّ صَفعةً لِمَنْ ظَلمَكَ بها، يَحكُمُ لَكَ القَاضِي أنْ تَكونَ صَفعةُ القِصَاصِ بِنفسِ القُوَّةِ والمَساحةِ والدَّرجَةِ والمَوضِعِ وعَددِ الأصَابِعِ والشِّدَّةِ على وَجهِ مَنْ ظَلَمكَ، فإنْ اختَلَّ شَرطٌ مِنها تَكنْ ظَالماً مَنْ ظَلَمَكَ، وقد قالَ تعَالى في فُرقَانه : { .. لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } البقرة124 .

نَأتِي إلى نِهايةِ هذَا العِلمِ ” عِلمِ رُؤيةِ القولِ بالبصرِ “ ومَا هذَا إلَّا غَيضٌ مِنْ فَيضِ عِلمِ رُؤيةِ القولِ بالبصرِ، فَمَا هذِه العُلومُ إلَّا سُبُلٌ إلى يَنَابيعِ العِلمِ الإلَهيِّ .. لِنَنهَلَ مِنها بِأنفسِنا و نَتَذوَّقَ مِنْ كُؤوسِ الحُبِّ الذَّاتِيِّ، و مَا هيَ إلَّا مَفَاتيحٌ لأبوَابِ المَعَارفِ المُطْلَقةِ التِي تَنهلُ مِنها الرُّوحُ فَتفهَمُ حَقِيقتَها وحَقِيقةَ جَوهَرِهَا الأحَديِّ ..

فإذا كانَ هذَا الوجُودُ الذِي نَحيَا مَا هوَ إلَّا رُؤيةٌ بَصريَّةٌ لِكلمةٍ إلَهيَّةٍ فَلنَبحَثْ عَنْ كَلماتِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ لِنفهَمَ هذَا الوجُودَ .. و نُجَسِّدَ عَوَالِمَنا بالكلماتِ الطَّيِّبةِ و نُزيلَ بالكلماتِ الوَاقِعَ الخَبِيثَ، و نَحكُمَ عَالَمَنا المَاديَّ بالكلمةِ المَمنُوحةِ لَنا .

لِنتَخلَّقْ باسمِ اللهِ تعَالى ” الخَالِقِ “ و نُشاهِدِ العَالَمَ بِعينِ ” الرَّقِيبِ “ ، و لنَعلَمْ أنَّنا حَقِيقةٌ مُتجسِّدَةٌ مِنْ كَلمةِ ” كُنْ “ الإلَهيَّةِ .. فأنتَ كَلمةٌ .

وكُلُّ مَا حَولَنا مِنْ كَينُونَاتٍ، مُتشكِّلةٌ مِنْ كلمةِ ” كُنْ “ الإلَهيَّةِ ..

فأنتَ إرادةُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ قَبلَ أنْ تكونَ كَلمتَه .. وأنتَ مَعلُومةٌ في ذاتِ اللهِ تعَالى ظَهرَتْ في العَالَمِ بإذنِه عَزَّ وجَلَّ .

الوجُودُ هوَ كلماتُ اللهِ تعَالى .. وحِينَ تَحيَا الحَقِيقةَ تَشهَدُ كَلماتٍ لَيسَت كَالكلماتِ ، { لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } ق22 .

وهوَ يقولُ الحَقَّ وهوَ يَهدِي السَّبِيلَ، والحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ .

 


( من كتاب علم رؤية القول بالبصر للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى