في تعرف الإنسان على عوالم العقيدة – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

في تَعرُّفِ الإنسانِ على عَوَالِمِ العقيدةِ في حَضرَةٍ بَرزَخِيَّةٍ بينَ الإلَهيَّاتِ والنَبوِيَّاتِ

مِنْ حِكمةِ الحَكيمِ العَليِّ القدِيرِ رَبِّ العِزَّةِ جَلَّ وعَلَا أنْ جعلَ خلقَ الناسِ على أطوَارٍ فقد قالَ تعَالى : ( وَقَدْ خَلَقَكُم أطوَارَاً ) ، والإنسانُ مَخلوقٌ مُتطوِّرٌ في حَضارتِه الإنسانِيَّةِ فَاقتَضَتْ حِكمةُ الحكيمِ سُبحانه وتعالى أنْ يُلَقَّنَ هذَا الإنسانُ المُتطوِّرُ والمُسافرُ نحوَ الرُّقيِّ عَقيدتَه المَتِينةَ السَّماويَّةَ كمَا يَتفِقُ معَ قُدرتِهِ واستِعدَادِه الشَّخصِيِّ .

ومِنْ هنا تَعرَّفنَا على الأنتربُولوجيَه الشَّرعيةِ التِي رُسِّخَت في قرآنِنا بِلسانِ القدرةِ الإلَهيَّةِ، ولَن أُفصِّلَ في الحَضَراتِ النَّبوِيَّةِ كُلِها، وإنْ كانَت كُلُّ حَضرةٍ تَحمِلُ مَعنًى خَاصَّاً في ذاتِها إلَّا أنَّنِي سَأكتَفِي بِآخرِ ثَلاثِ حَضرَاتٍ، وهيَ الحَضرةُ المُوسوِيَّةُ ثُمَّ العِيسَويَّةُ ثُمَّ المُحَمَّدِيَّةُ على أصحابِها الصَّلاةُ والسَّلامُ، وذلكَ لِلاختِصارِ مِنْ وَجهٍ .. ولأنَّ الحَضرةَ المُحمَّديَّةَ جَامعةٌ لِكُلِّ الأسرَارِ التِي سَبقَتها مِنْ وَجهٍ .

وإليكَ مَبسُوطَ مَا أجمَلتُ، ولتَعلَمْ أنَّ الاعتقادَ بأنَّه لا مُؤثِّرَ إلَّإ اللهُ تعَالى هوَ اعتقادٌ إسلاميٌّ سَمَاويٌّ أقرَّتهُ الدِّيانَاتُ السَّماوِيَّةُ كُلُّها .

وعِلمُ الإنتربُولوجيَه الشَّرعيةِ في القرآنِ الكريمِ أظهرَ أنَّ التَّجلِّيَ المُوسويَّ لِهذَا الاعتقادِ كانَ تَجلِّي الأفعالِ الإلَهيَّةِ في أجمَلِ حُلَّةٍ، وَأظهرَ أنَّ الحَضرَةَ العِيسوِيَّةَ كانَت تَجلٍّ أرقَى لِهذَا المُعتَقَدِ الثابِتِ إلَّا أنَّه تعَالى أظهرَ لنا في هذِه الحَضرةِ خُصوصِيَّةَ التأثِيرِ الإلَهيِّ المَشهودِ في تَجلِّي الأفعالِ سَابقاً في حُلَّةِ التَّجلِّي الصِّفاتِي الأبهَى، ومِن ثَمَّ وَحَّدَ سُبحانه وتعَالى لَنا صورةَ التجلِّياتِ الفِعليَّةِ والصِّفاتِيَّةِ في الحضرَةِ المُحمَّديَّةِ بِحقيقةِ تَجلِّياتٍ كاملةٍ تَامَّةٍ هيَ تَجلِّياتُ الذاتِ العَليَّةِ .

فَالحضرَةُ المُوسوِيَّةُ لِتجلِّي الأفعالِ .

والحَضرةُ العِيسَوِيَّةُ احتوَت تَجلِّي الأفعالِ وأظهرَت تَجلِّي الصِّفاتِ .

والحَضرةُ المُحمَّدِيَّةُ احتوَت تَجلِّياتِ الأفعالِ والصِّفاتِ وأظهرَت تَجلِّي الذاتِ .

 


( من كتاب علم الإنتربُولوجيَا للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى