قاعدة في اسم الله الرب – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

قَـاعِدَةٌ فِي اسمِ اللهِ الـرَّبِّ

بسم الله الرحمن الرحيم : { رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ } الأعراف (122) ، وفِي آيةٍ أخرَى بسم الله الرحمن الرحيم : { فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا ءَامَنَّا  بِرَبِّ هَــارُونَ وَمُوسَى } طـه (70) .

بِشكلٍ عـامٍ في عِلمِ الرُّبوبيَّـةِ وفي تَجلِّياتِهـا كَأسمَاءٍ بِالذاتِ في كُلِّ القُرآنِ لا نَجدُهــا إلَّا مُقيَّـدةً بالمضيف ، لا تَجِـد أبـدَاً الاسمَ الرَّبَّ بِإطلاقِــهِ ، لأنَّه ليسَ مِنْ مَقدُورِ البَشرِ إدرَاكُ هذِه الرُّبوبيَّةِ ، لا تُدرِكُـه الأبصَارُ لا تُدرِكُـه العُقُولُ ، تَعرِفُــه ولكنْ لاتَستطِيعُ أنْ تُحيطَ بِعِلمه ، فَمَثلاً أنتَ تَرانِي الآنَ ولَكنْ لا تَعرِفُ مَا مَعِيَ مِنْ عُلُومٍ ، ولا تَعرفُ مِقدَار مَحبَّتي لأبنَائِي ، أنتَ تَرَاني ولكنْ لا تُدرِكُ ذَاتيَّتِي . فَنحنُ نَتَعرَّف على الرُّبوبيَّـة بُوجُوهِنَـا الخَـاصَّةِ، ولكنْ دُونَ أنْ نُحِيط بِهذِه الرُّبوبيَّـة .

بسم الله الرحمن الرحيم : { .. وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } البقرة (255) .

إلاّ بِمَا شاءَ وَسِعَ كُرسيُّه السَّمواتِ والأرضَ ، فَالتَّعرُّفُ على الوَجهِ الخَـاصِّ لا يَكونُ إلَّا مِنْ بُحُورِ الرُّبوبيَّة العُظمَى ، ولكنْ لا نَستطيعُ أنْ نَتَعرَّفَ على هذِه الرُّبوبيَّةِ ضِمنَ العِلمِ القُرآنيِّ في عِلمِ الاسمِ المُتجلِّي الأعلَى إلاّ مِنْ خـلالِ اسمٍ خَاصٍّ .

لِذلكَ أسماءُ الرُّبوبيَّـةِ في القُرآنِ وخُصوصَاً اسمُ الرَّبِّ بِالذَّات ، لَمْ يَأتِ الاسمُ فَقَط، وإنَّما دَائماً هُناك إضَافـةٌ ، فيقول : رَبُّ السَّمواتِ والأرضَ ، رَبِّ العَالمينَ ، رَبِّ مُوسَى وهَارونَ ، رَبُّ الشِّعْرَ .

بسم الله الرحمن الرحيم : { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا {55} مريم .

حتَّى في هذِه الآيةِ قَالَ : رَبِّهِ ، وكانَ إضَافةُ عندَ رَبِّه مَرضِيَّا ، الآيةُ هُنَا بِالإفرَادِ تَعنِي أنَّ إسمَاعِيلَ كانَ مَرضِيَّاً عِندَ اسمِه الخَاصِّ بِه ، لَمْ يَقُلْ عنـدَ رَبِّ الكُـلِّ بَل رَبـِّه الـذَّاتيِّ الاسمِ المُتجلِّي الأعلَى .

فَكأنَّك أنتَ عندَما تُريدُ أنْ تَتحَقَّقَ بِمَا انطَوَى فيْك مِنَ العَالَمِ الأكبَرِ ، وتُطبقَ آياتِ القُرآنِ، وتُطبقَ هذِه الخَريطَةَ القُرآنيَّةَ لِلوُصُولِ إلى حَقيقَةِ مَعرِفَتِك بِاللهِ سوفَ تَصِلُ إلى بُحورِ الحَضرَةِ الإسمَاعِيليَّة ، فَتصِلُ إلى بُحُورِ هذِه المَنزِلةِ المَريَمِيَّة ، وسَتَصِل إلى هذِه الآيةِ في القرآنِ الكَريمِ ، وسَتَتعرَّفُ على سَيدِنا إسمَاعِيلَ عليهِ السَّلامُ كَيفَ كـانَ مَرضيَّاً عندَ رَبـِّهِ .

فَلمَّا تُريدُ أنْ تُطبِّق الآيةَ صَارَ المَطلُوبُ مِنكَ أنْ تكونَ مَرضيَّاً عندَ رَبِّكَ ، هَذا هُو مَنهَجُنا الذِي يَجِبُ أنْ نُطَبقَه ، والأنبيـاءُ لَكم فِيهِم أُسوَةٌ حَسنـةٌ ، نُصلِّي كَمَا يُصلُّونَ ، ونَفعَلُ كَمَا يفعَلونَ ، وهَذا القرآنُ هُو مَنْهجُنا ، ونحنُ يَجِبُ أنْ نَكونَ مَرضِيينَ عنـدَ رَبِّنَـا .

 


( من كتاب علم الاسم المتجلي الأعلى للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى