الحَاجَةُ إلى الوَلِيِّ المُرْشِدِ الشَّخْصِيِّ – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

الحَاجَةُ إلى الوَلِيِّ المُرْشِدِ الشَّخْصِيِّ

المَعارِفُ الخَاصَّةُ بِالتَّفَكُّرِالرُّوحِيِّ في الكَيَانِ التَّفَكُّرِيِّ يَتِمُّ تَلقِينُها بِشكلٍ شَفَويٍّ تَلقِينِيٍّ مِنْ قِبَلِ وَليٍّ مُرشِدٍ كمَا سَمَّاه الحَقُّ في القرآنِ الكرِيم؛ لا يُمكِنُ نَقلُها بِواسِطةِ الكُتبِ، لأنَّها لا تَتضَمَّنُ فقط تَلقِينَ مَنْ يَطمحُ بِها عَنْ كَيفيةِ اختِبارِ الحَالاتِ الدَّقيقةِ لِلتَّكشُّفِ المَعرِفيِّ، بل هُناكَ مَسؤُوليةٌ كَبيرةٌ جِداً في إيجَادِ وتَفسِيرِ مَا يَختَبِرُه الفردُ عندَما يَتقدَّمُ في ذلكَ الطرِيقِ .

تُعتبرُ الفِكرةُ بِحَدِّ ذاتِها اختِباراً مُجرَّداً جِداً بِالنسبةِ لِلإنسانِ العَاديِّ، وإذا طُلِبَ منه أنْ يَختبرَ الحالاتِ المُتفوِّقةَ لِلفكرِ، يكونُ ذلكَ بِمثابةِ الطَّلبِ بِاختبارِ الحالاتِ اللطِيفةِ لِذلكِ الاختبارِ المُجرَّدِ .

إنَّ القيامَ بِذلكَ يَبدُو مِنَ المُستحِيلِ بالنسبةِ لِلعقلِ العَاديِّ، الذِي تَعوَّدَ دَوماً أنْ يَختبرَ الأغراضَ الكَثِيفةَ والمَلمُوسةَ .

ولَكِنِّي هنا أقولُ ليسَ مُستحِيلاً بَل رُبَّمَا هوَ صَعبٌ على بَعضِ العُقولِ .

إنَّ الاختِباراتِ في طريقِ المَعرفةِ هيَ مُرهَفةٌ جِداً، وكَثيراً مَا يَكونُ صاحبُ الاختبارِ غَيرَ مُتأكِدٍ مِنْ أنَّه يَختبرُ شَيئاً مَا، لأنَّه و فِي لَحظةِ بِدايةِ اختبارِ الحَالةِ المُتفوِّقةِ لِلفِكرِ يَجِدُ صاحبُ الاختبارِ نَفْسَه مُنجَرِفاً إلى العَدمِ .

يَحتاجُ المُبتدِئ لِبعضِ الوقتِ كَي يَتمكَّنَ مِنَ التَّحدِيدِ الدقِيقِ لاختِبارَاتِه لِلمُستوَى المُتفوِّقِ لِلفكرِ؛ لِذلكَ مِنْ غَيرِ المُمكِنِ أنْ نُدوِّنَ في الكتبِ عَنْ كَيفيةِ اجتِيازِ العَقلِ اختِباراتِ المُستويَاتِ العِرفَانيَّةِ العَاليَةِ لِلسُّلوكِ .

لِذلكَ يَتوَجبُ أنْ تُمارِسَ هذِه العِبادةَ الرُّوحيَّةَ دَوماً بِإشرَافِ الولِيِّ المُرشِدِ المُتخَصِّصِ في حَقائِقِ العِرفانِ، والذِي تَدرَّبَ بِشكلٍ صَحيحٍ على تَعلِيمِها، والذِي تَدرَّبَ أيضاً على فَحصِ الاختِباراتِ في كُلِّ مَقامٍ .

وهذَا مُلاحَظٌ تماماً كَيفَ أنَّ القرآنَ الكريمَ كِتابٌ عَظيمٌ كانَ لابُدَّ لِكُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ أنْ يُرسِلَ رُسلاً، ويَختِمَ بِرسولٍ خَاتِمٍ يُعَلِّمُ الكتابَ ويُزكِّي الناسَ مِنْ حُجُبِ القَيدِ إلى نُورِ الإطلاقِ . 

إذاً : كُلُّ المُقيَّدَاتِ تَحتاجُ لِوَلِيٍّ مُرشِدٍ، وَلِيٍّ لِكُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ، مُرشِدٍ لِكُلِّ تَوَهجاتِ حَياتِها لِلرجوعِ إليهَا .

 


( من كتاب الهوية للمفكر الإسلامي الشيخ د. هانيبال يوسف حرب ) .


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى