الصحبة الموسوية الخضرية – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

الصُّحْبَةُ الْمُوسَوِيَّةُ الْخَضِرِيَّةُ

 

إنَّ الْقَارِئَ لِسُورَةِ الْكَهْفِ يَرَى جَلِيَّاً أنَّ اللهَ تَعَالَى اخْتَارَ الْعَبْدَ الصَّالِحَ لِيَكُونَ وَلِيَّاً مُرْشِدَاً لِسَيَّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ اللهُ تَعَالَى فِي الْقرْءَانِ الْكَرِيْمِ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ : { قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً {66} سُورَةُ الْكَهْفِ .

أيْ هَلْ أتَّخِذُكَ مُرْشِدَاً لِأتَعَلَّمَ مِنْكَ عُلُومَ الرَّشَدِ ؟ فَالاتِّبَاعُ اسْتِرْشَادٌ .

فَكَانَ بَسْطُ  وِلَايَةِ وَإرشَادِ الْخَضِرِ لِسَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ  مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللهُ تَعَالَى فِي قَولِهِ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ { .. سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً {78} سُورَةُ الْكَهْفِ .

أيْ أسْتَطِيْعُ أنْ أقرَأَ تَأوِيْلَ الْحَقَائِقِ وَأنظُرَ إلَى عَيْنِ حِكْمَةِ الرَّحْمَةِ فِي الشَّرْعِ .

أمَّا مَا تَمَّ إرْشَادُهُ إلَيْهِ فَهُوَ تَلْقِيْنُهُ بُحُورَاً مِنَ الْمَعَارِفِ الْإلَهِيَّةِ وَالْعُلُومِ الذَّاتِيَّةِ وَالصِّفَاتِيَّةِ وَالأسْمَائِيَّةِ فِي مَعرِفَةِ الْحَقِّ وَالَّتِي ذَكَرْتُ مِنْهَا هُنَا فِيْ هَذِهْ الْعُجَالَةِ سَبْعِينَ عِلْمَاً ؛ وَهِيَ لَيْسَتْ كُلَّ مَا تَلَقَّنَهُ النَّبِيُّ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَكِنَّ هَذِهِ الْعُلُومَ هِيَ مِمَّا يُمْكِنُ التَّكَلُّمُ عَنْهُ فِيْ هَذِه الْعُجَالَةِ .

مِنَ الْحِكْمَةِ الإلَهِيَّةِ فِي اخْتِيَارِ الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِيَّاً مُرْشِدَاً لِسَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :

إنَّ مِنَ الْحِكْمَةِ الإلَهِيَّةِ فِي اخْتِيَارِ الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِيَّاً مُرْشِدَاً لِسَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

أنَّهُ مِنَ الأفْرَادِ الَّذِيْنَ اخْتَصَّهُمُ الْحَقُّ بِهَذِهِ الْعُلُومِ الذَّاتِيَّةِ ؛ فَالْخَضِرُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ قُطْبُ الْوِلَايَةِ فِي الْعَالَمِ كَمَا أنَّ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وُ السَّلَامُ هُوَ قُطْبُ الْكَلَامِ فِي الْعَالَمِ ؛ وَلَابُدَّ لِلْكَلَامِ مِنْ أنْ يُصَاغَ بِمَصْهُورِ الْوِلَايَةِ ، فَالْوِلَايَةُ فَلَكُ الْحَيَاةِ الْحَقِيْقِيَّةِ مَعَ اللهِ تَعَالَى وَلِهَذَا سُمِّيَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِـ ( الْخَضِرِ ) مِنَ الْخِضْرَةِ ، وَاللَّوْنُ الأخْضَرُ هُوَ رَمزُ الْحَيَاةِ فِي عَالَمِ الأنْوَارِ اللَّونِيَّةِ فِي الْقُرْءَانِ الْكَرِيْمِ وَالسُّنَّةِ الشَّرِيْفَةِ ؛ لِذَلِكَ وُصِفَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ بِأنَّهُ يَلْبَسُ طِمْرَيْنِ أخَضَرَيْنِ رِدَاءً وِإزَارَاً .

وَكَذَلِكَ فَإنَّ لَهُ خَاصِّيَّةً فِي إنْعَاشِ الرُّوحِ النَّبَاتِيَّةِ الَّتِي نَرمِزُ لَهَا بِالأخْضَرِ مِنْ حَيْثُ النَّمَاءِ فَهِيَ مِنْ كَرَامَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَعَلَّ فِي تَرتِيْبِ سُورَةِ الْكَهْفِ فِيْ الْقُرْءَانِ الْكَرِيْمِ تَوَافُقَاً مَعَ حَقِيْقَةِ الْإنْعَاشِ الْحَيَاتِيِّ، فَالتَّرتِيْبُ هُوَ (18) وَهُوَ يُنَاسِبُ اسْمَ اللهِ الْحَيِّ (عَدَدُهُ 18) .

 


( من كتاب علم الحقائق البرزخية بين الحضرتين الموسوية والخضرية للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى