موقعُ الجَمالِ وموقعُ الجلالِ في البسملةِ – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

موقعُ الجَمالِ وموقعُ الجلالِ في البسملةِ

شهِدْنا في هذا التفسيرِ الطاقيِّ القدرويِّ للعلومِ المتميزةِ والمتخصصةِ في القرءانِ الكريمِ والتي وصلْنا فيها إلى بحورِ الجلالِ والجَمالِ في تفسيرِ بسملةِ سُورةِ الفاتحةِ كيفَ أنَّ الجلالَ والجَمالَ إنَّما هي تجلياتٌ عميمةٌ لبحورٍ جميلةٍ وجليلةٍ وفيها لطائفُ خاصةٌ في كلِّ بِسملاتِ القرءانِ الكريمِ .

ولتعلمْ يا وليِّي في اللهِ تعالى أنَّ بسملةَ سُورةِ الفاتحةِ حَوَت في الافتتاحِ وفي حقيقتِها الجَمالَ والجلالَ معاً ، فالأشخاصُ الذينَ لا يُذعِنونَ إلى الحقِّ إلا بالجلالِ فإنَّ البسملةَ تأتي بِهم إلى حِياضِ الحقِّ ، وكذلكَ الذينَ لا يُذعِنون إلى الحقِّ إلا بالجَمالِ فإنَّ البسملةَ تأتي بهم إلى حِياضِ الحقِّ أيضاً ، لذلكَ كانَ تجلي الجَمالِ والجلالِ في البسملةِ حقيقةً جميلةً وجليلةً وصادحةً منذُ بَدءِ قراءَتِكَ للكلماتِ الأولى لِلقرءانِ الكريمِ .
يعرفُ الجميعُ أنَّ لفظَ الجلالِ هُو { الله } ونقولُ عنه ( لفظُ الجلالِ – الله ) إلا أنَّ كثيراً منَ الناسِ تفوتُهم مسألةُ الجَمالِ في البسملةِ والتي هي تتمةُ البسملةِ : { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } .

فإذا كانتْ بدايةُ البسملةِ { بِسْمِ اللَّهِ } هي للجلالِ ؛ فإنَّ تتمَّتَها { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } هي موقعُ الظهورِ الجَماليِّ والتجلياتِ الجَماليَّةِ في { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } .

ولكن كيفَ تكونُ البسملةُ لتجلياتِ الجلالِ والجَمالِ في ألفاظِها الأربعةِ ؟

اعلمْ ياوليِّي في اللهِ تعالى أن هناكَ علوماً في القرءانِ الكريمِ لم تُسَجَّلْ ولم تُدَوَّنْ عبرَ التاريخِ ولازالتِ البشريةُ قاصرةً عن أنْ تفهمَها أو تتفطَّنَ لها في القرءانِ الكريمِ حتى هذهِ اللحظةِ .

من هذهِ العلومِ علومٌ كثيرةٌ جداً جداً جداً في البسملةِ ، ورُبَّما إذا أردْنا متابعةَ البسملةِ – بسملةِ سورةِ الفاتحةِ – وما كُتِبَ عنها من تفسيراتٍ فمنَ المُمكنِ أن نحصدَ عِلمين أو ثلاثةَ أو أربعةَ  أو خمسةَ علومٍ .. هذا ممكنٌ فيما يخصُّ العالِمَ الباحثَ في الكتبِ والمخطوطاتِ و و و ..

ولكن هل يوجدُ في بسملةِ الفاتحةِ هذهِ العلومُ الأربعةُ أو هذهِ العلومُ الخمسةُ فقط ؟
لا بالتأكيد .. إذاً أينَ بقيةُ العلومِ ؟

اعلمْ ياوليِّي في اللهِ تعالى فطَّنَكَ الحقُّ إلى علومِ البسملةِ أنَّ هذهِ العلومَ إنَّما يعرفُها أهلُها ؛ أهلُ { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } ؛ أهلُ القرءانِ الكريمِ وخاصتهِ ؛ أهلُ المعرفةِ الإلهيةِ ؛ لأنَّهُ على قدرِ تعلُّمِكَ لهذهِ العلومِ وفهمِكَ لها تدركُ عظمَةَ المعرفةِ الإلهيَّةِ في القرءانِ الكريمِ .

ومن هذهِ العلومِ التي لم تُدوَّنْ إلى الآنَ في شرحِ بسملةِ سُورةِ الفاتحةِ :

علومُ الجلالِ والجَمالِ ، وعلومُ انبثاقِ الأسماءِ من البسملةِ – من بسملةِ سُورةِ الفاتحةِ – فإنَّ في بسملةِ سُورةِ الفاتحةِ كلَّ الأسماءِ الحُسنى .

وقد يتساءلُ أحدُكم بقولِهِ :
يا شيخُ .. تروَّى بنا قليلاً .. فأنا أرى أنَّ { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } أربعةَ ألفاظٍ  فمِن أينَ تأتي بالأسماءِ الحُسنى جميعِها ؟!

أجيبُ :
الحقيقةُ أنَّ في البسملةِ كلَّ الأسماءِ ؛ ونحنُ نرى هذهِ الأسماءَ بالعلمِ ولا نراها فقط بالعينِ المجرَّدةِ ؛ فأنتَ ترى أنَّ البسملةَ أربعُ كلماتٍ ، إلا أنَّ هذا لا يَعني أنَّها تحوي هذهِ الأربعَ كلماتٍ فقط .. بلْ ربما تكونُ في عُمقِها وجوداتٌ لا متناهيةٌ كما هي الحقيقةُ .

أعرضُ لكم مثالاً بسيطاً :

لو قلتُ لكم : الآنَ يكتبُ هانيبالُ هذا الكلمَ على الورقِ .
وجاءَ شخصٌ يسألُ : من الذي يكتبُ ؟  
فقلتم لهُ : هانيبال .

يا ترى هل ينظرُ هذا الشخصُ إلى هانيبال من كونِهِ سبعةَ حروفٍ ( هاء ، ألف ، نون ، ياء ، باء ، ألف ، لام ) أم أنَّهُ يقفزُ من ( هاء ، ألف ، نون ، ياء ، باء ، ألف ، لام ) إلى لسانِ هانيبال ولونِ بشرةِ هانيبال وصوتِ هانيبال وعيونِ هانيبال وعِلمِ هانيبال وشخصيةِ هانيبال .. عشراتُ التشخصاتِ والصفاتِ والحالاتِ ينتقلُ إليها بمجردِ أن نقولَ لهُ : هانيبال .

وهنالكَ ألفاظٌ كبيرةٌ جداً بمكنونها مثلَ كلمةِ :عالَمِ ( عين ، ألف ، لام ، ميم ) فهيَ مكوَّنةٌ من أربعةِ حروفٍ إلا أنَّ فيها كلَّ مفرداتِ العالَمِ ، فعندما نقولُ : ( عالَم ) فإننا نَعني عالَمَاً بكلِّ أبعادِهِ ؛ وبكلِّ كائناتِهِ ؛ وبكلِّ عناصرِهِ ؛ وبكلِّ أطباعِهِ ؛ وبكلِّ أمزجتِهِ ؛ وبكلِّ مكوِّناتِهِ ؛ وبكلِّ مخزوناتِهِ ؛ وبكلِّ أسرارِهِ ؛ وبكلِّ أنوارِهِ ..  فكلمةُ ( عالَمٍ ) كبيرةٌ جداً بالرَّغمِ من أنها مكوَّنةٌ من أربعةِ حروفٍ فقط .


للمزيد … يمكنك تصفح / تحميل كتاب تفسير بنور الله تعالى – البسملة (الجزء الثاني) وذلك عبر الضغط على الصورة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى