محل الكبائر – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

مَحَلُّ الكَبَائِرِ

 

اِعلَمْ طَهَّرَكَ الله القُدُّوسُ تعالى مِنْ كُلِّ شَيءٍ لا يُرضِيه أنَّ الكثير مِنَ الخَلقِ يَظنُّونَ أنَّ مَحَلَّ الذنُوبِ هوَ نفسُه مَحَلُّ الكَبائِرِ ، وهو نفسُه مَحَلُّ الخطايا ، وهوَ نفسُه مَحَلُّ الآثامِ وهذَا خَطأٌ وَاضِحٌ ، فإنَّ الكبائِرَ إنَّمَا تَقعُ في مَحَلَّينِ أسَاسِيين :

المَحَلُّ الأوَّلُ : عَالَمُ ظَاهِرِ الإنسَان .

المَحَلُّ الثانِي : عَالَمُ بَاطِنِهِ .

ومِثالُ الأوَّلِ مِنَ الكَبائِرِ السَّرقةُ ، ومَحَلُّها اليدُ كمَا الزِّنَا الفِعلِي ( الجِماع ) مَحَلُّهُ الصُّلْبُ .

ومِثَالُ الثانِي الكَذِبُ ومَحَلُّه النَّاصِيَةُ التي هي أعلَى الجَبِينُ ( مُقدِّمَةُ الدِّمَاغِ ) لِقوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } العلق16 .

 فَنَسَبَ الكذب إلى مَحَلٍّ هو الناصِية .

فعَلِمنا أنَّ لِكلِّ كبيرةٍ مَحَلٌّ ، والأجملُ مِن ذلك أنَّ الحديث الشريفَ أثبتَ أنَّ الإيمان الذي مَحَلُّه القلبُ يُغادر القلبَ بوجودِ الكبائِر في مَحَلَّاتِها الباطنِية ، بينما هو يبقى في حَال مَارسَ الإنسان الكبائِرَ التِي مَحَلَّاتُها ظاهرُ الإنسان مِصداقاً لِنصِّ حديث رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم :  المُؤمنُ يَسرقُ يَا رسول الله قال : نعم ، المُؤمن يَزنِي يا رسول الله قال : نعم ، قال المُؤمن يَكذِبُ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا المُؤمن لا يكذِب ” .

والفرق بينَ الزِّنا والسَّرِقة كَكَبائرَ والكذِب كَكَبيرةٍ إنَّمَا هو فرقٌ بين أفعالٍ مَحَلُّهَا الظاهرُ الإنسانِيُّ وبينَ أفعالٍ مَحَلُّها البَاطِن الإنسانِيُّ .

  


( من كتاب‏‏ علم المحلات للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى