( عَلَامَةُ اسْتِكْمَالِ الإيْمَانِ وَ أوَّلُ مَدَارِجِ الدُّخُولِ فِي مَقَامِ الإحْسَانِ عَلَى الحَقِيْقَةِ )
مِنَ العَبْدِ الفَقِيْرِ إلَى رَبِّهِ تَعَالَى هَانِيْبَالْ يُوسُفْ حَرْبْ إلَى (………)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَبَعْدُ :
اعْلَمْ يَا وَلِيِّي فِي اللهِ تَعَالَى سِرَّاً مِنَ العُلُومِ الكَشْفِيَّةِ الَّتِي تَسْتَقِي مَصَادِرَهَا مِنَ السُّنَّةِ الشَّرِيْفَةِ : وَهُوَ أنَّ عَلَامَةَ اسْتِكْمَالِ الإيْمَانِ وَأوَّلَ مَدَارِجِ الدُّخُولِ فِي مَقَامِ الإحْسَانِ عَلَى الحَقِيْقَةِ هُوَ : أنْ تُنَظِّمُ الحُبَّ فِي ذَاتِكَ فَيُصْبِحَ رَبَّانِيَّاً بِحَيْثُ أنَّكَ لَاتُعْطِي إلَّا لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى وَلَاتَمْنَعُ إلَّا لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى وَلَا تُحِبُّ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا تُبْغِضُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى .. وَتِلْكَ الحَقِيْقَةُ مُسْتَقَاةٌ مِن حَدِيْثِ حَبِيْبِي المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، حَيْثُ قَالَ : « مَنْ أحَبَّ لِلَّهِ ، وَأبْغَضَ لِلَّهِ ، وَأعْطَى لِلَّهِ ، وَمَنَعَ لِلَّهِ ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإيْمَانَ » فَلَا تَخْدَعْ نَفسَكَ بِأنَّكَ مِنَ المُحْسِنِيْنَ وَأنَّكَ مِمَّنِ اسْتَحْكَمَ مَقَامَ الإحْسَانِ نُزُولَاً بِهِ إذَا لَمْ تَظْهَرْ عَلَيْكَ تِلْكَ العَلَامَاتُ حَقِيْقَةً ذَاتِيَّةً فِيْكَ .. مِنْكَ .. عَلَيْكَ .
– وَبِنَاءً عَلَى السِّرِّ السَّابِقِ مِنَ العُلُومِ الكَشْفِيَّةِ أقُولُ :
إذَا وَجَدْتَ نَفسَكَ قَدْ وَصَلْتَ إلَى دَرَجَةِ أن تُحِبَّ لِلَّهِ وَتُبْغِضَ لِلَّهِ وَ تُعْطِيَ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى وَتَمْنَعَ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى وَاسْتَقَرَّيْتَ فِي مَقَامِ اسْتِكْمَالِ الإيْمَانِ ثُمَّ ظَهَرَ فِيْكَ مِنْكَ عَلَيْكَ فِي بَعْضِ الأحْيَانِ أنَّكَ تُحِبُّ لِغَيرِ هَذَا التَّوَجُّهِ أوْ تُبْغِضُ لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى : ( مِثْلَ بُغْضِكَ لِشَخْصٍ مَا ؛ أوْ حَالٍ مَا ؛ أوْ قَضَيَّةٍ مَا نُزُولاً عِنْدَ مَصَالِحِكَ الشَّخْصِيَّةِ ) أوْ تَمْنَعُ لِغَيْرِ اللهِ أوْ تُعْطِي لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى .. فَاعْلَمْ أنَّ الكَشْفَ الشَّرْعِيَّ هُنَا يَقُولُ: أنَّكَ خَرَجْتَ عَن مَقَامِ الإحْسَانِ ، وَهَبَطْتَ إلَى مَدارِجِ الإيْمَانِ ، وَتَسَفَّلْتَ عَنْ آخِرِ تِلكَ المَدَارِجِ الإيْمَانِيَّةِ الَّتِي هِيَ اسْتِكْمَالُ مَقَامِ الإيْمَانِ ، فَأنْتَ فِي حَالِ نَقْصٍ إيْمَانِيٍّ .. َانْتَبِهْ لِنَفْسِكَ.. وَلَا تَخْدَعْ ذَاتَكَ .
وَبِنَاءً عَلَى مَاسَبَقَ أقُولُ :
أنَّكَ إذَا وَصَلْتَ إلَى :
1- أنْ تُحِبَّ لِلَّهِ تَعَالَى .
2- وَتُبْغِضَ لِلَّهِ تَعَالَى .
3- وَ تُعْطِيَ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى .
4- وَتَمْنَعَ لِوَجهِ اللهِ تَعَالَى .
فَقَدِ اسْتَكْمَلْتَ الإيْمَانَ .
إذَاً : اسْتِكمَالُ الإيْمَانِ هُنَا عَلَى هَذِهِ الْأرْبَعِ عَلَامَاتِ ، وَإنَّكَ إذَا فَقدْتَ وَاحِدَةً مِنْهَا فَقَطْ ..
فَقَدْتَ الاسْتِكْمَالَ ، وَهَبَطْتَ عَنْ دَرَجَةِ كَمَالِ الإيْمَانِ .. فَرَاقِبْ نَفْسَكَ عَلَى كَشْفٍ شَرْعِيٍّ وَاضِحٍ وَ حَقِيْقِيٍّ وَلَا تَدَعْ نَفسَكَ تَخْدَعُكَ بِوُصُولِهَا لِوَاحِدٍ مِن هَذِهِ العَلَامَاتِ وَ فُقدَانِهَا لِلثَّلَاثَةِ البَاقِيَةِ ، أوْ وُصُولِهَا لِاثْنَتَيْنِ مِن هَذِهِ العَلَامَاتِ وَفُقدَانِهَا لِلاثْنَتَيِنِ البَاقِيَتَيْنِ ، أوْ وُصُولِهَا لِثَلَاثِ عَلَامَاتٍ وَفُقدَانِهَا لِلعَلَامَةِ الرَّابِعَةِ إذَاً نَقُولُ :
أوَّلَاً – لَاتَخْدَعْ نَفسَكَ ، أنْتَ تَحْتَاجُ الأرْبَعَةَ لِتُـعْلِنَ اسْتِكْمَالَ الإيْمَانِ .
ثَانِيَاً – وَ تَحْتَاجُ اسْتِمْرَارَ وُجُودِ هَذِهِ العَلَامَاتِ الأرْبَعَةِ فِيْكَ مِنْكَ عَلَيْكَ .. لِتُحَافِظَ عَلَى كَمَالِ الإيْمَانِ بِكَ .
ثَبَّتَكَ اللهُ وَمَكَّنَكَ مِنَ البَقَاءِ فِي أرْقَى حُلَلِ المَقاَمِ الإيْمَانِيِّ ، وَدَعَمَكَ وَأعَانَكَ لِبَدْءِ رِحْلَةِ الإحْسَانِ فِي مَقَامَاتِ الإحْسَانِ الأرْقَى .