رقائق نورانية في سورة البروج – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

رَقَائِقُ نُورَانِيَّةٌ في سُورَةِ البُرُوجِ

 

أمَّا الذَّاتُ الإلَهيَّـةُ فَبِمَاذا تُقسِمُ ؟؟؟
اللهُ يُقسِمُ بمَا شَاءَ على مَاشاءَ لأنَّه مَصدرُ العَظَمَة فَيُعظِّمُ ماشاءَ . فبِماذا أقسمَ ؟
لَمْ نجِدْ في القُرآنِ الكريمِ قَسَمٌ أقسَمَ بِه اللهُ إلاَّ وكانَ على عَظمَةٍ مِنَ الذَّاتِ الإلَهيَّةِ ، فمَا أقسمَ إلاّ بِالعَظيمِ وبِتَجَلِّيـاتِ العَظمَـةِ عندَما يَقولُ :
بسم الله الرحمن الرحيم { وَالشَّمْسِ وَضُحَـاهَا {1} الشمس .
عَظِيمةٌ هذِه الآيةُ بِأبعَادِها ونَارِها ومَركزِيتِها مِنَ المَجموعةِ الشَّمسيَّةِ لمَّا قــالَ اللهُ ” والشَّمسِ “ ، وأقسمَ بِها بِواوِ القَسمِ عَلَّمَنَــا أنَّهَا مَسقَطٌ لِتَجلٍّ مِنْ تَجلِّيــاتِ العَظمَــة الإلَهيـَّــةِ .

بسم الله الرحمن الرحيم :
{ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ {1} وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ {2} وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ {3} سورة البروج .
ومِنْ جُملةِ مَا أقسَمَ اللهُ بِهِ أقسَمَ بِالسماءِ ذاتِ البُروجِ واليَومِ المَوعودِ ، وهوَ يَومٌ عَظيمٌ لَمْ يَغضبِ اللهُ قَبلَهُ مِثلَه ، ولَن يَغضبَ بَعدَه مِثلَه ، والحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ الذِي جَعلَ غَضبَه مُقيَّدٌ بزمانٍ مُعيَّنٍ ، وهوَ يومُ القِيامةِ /50000/ سنةٍ مِمَّا تَعُدُّون ، لَو تَركَ غَضبَـه مُطلَقٌ سَتكونُ المَخلوقاتُ في مِنتَهى الرُّعبِ والخَوفِ ، فَمِنْ رحمتِه أنَّه قالَ يومَ القيامــةِ سَأحَاسِبُكم كُلُّكم، رَحمتِي سَبقَت غَضبِي ، فَسَبقَت وأَطلَقَت .

بسم الله الرحمن الرحيم :
{ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ {1} وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ {2} وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ {3} سورة البروج .
جَميعُ الكَلماتِ جاءَت بِالكسرِ إلاَّ ” وشَاهدٍ ومَشهُودٍ “ فَقَد جاءَت بالتَّنوينِ ، وليسَ بالكَسرِ . وهُنـا تُوجَدُ أسرارٌ بِتنوينِ الكسرِ :
إنَّ التنويــنَ يَحوِي النَّغَــمَ ، في اليَومِ المَوعودِ تُوجدُ كَسرةٌ لأنَّ العبدَ سَينكَسِرُ تحتَ جَلالِ الحَقِّ يَومَ الغَضبِ الأعظَمِ ، بَينَمَا في الشَّاهدِ والمَشهُودِ يُوجدُ طَرَبٌ ( الغُنَّةُ ) ” طبعاً مَع النَّظرِ إلى الفِقهِ اللُّغَويِّ لِلآيـةِ، ولكنْ نحنُ نَتحدثُ عن أبعادٍ أخرَى في هذَا العِلمِ “ التنوينُ أعطَـاها طَربٌ ونَغَـمٌ لأنَّ الشُّهودَ بحدِّ ذَاتِــه مُتعَـةٌ ولَــذَّةٌ . ولا يَتجلَّى هذَا المَشهودُ لِلعبدِ وهوَ الذَّاتُ الإلهيَّةُ ، ويُعرِّفُه على اسمِه الذَّاتيِّ إلاَّ عندَمـا يَكونُ قَد أحبَّهُ ، عندَما يُحبُّ عبدَه يُقرِّبُه منه ، فإذا أحَبَّه كانَ سَمعَه ، عندَما يَتقرَّبُ منه العبدُ مِترَاً يَتَقرَّبُ اللهُ منه ألفَ مِترٍ .

سِرٌّ آخرُ في سُورةِ البُروجِ :
بسم الله الرحمن الرحيم : { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ {1} وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ {2} وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ {3} سورة البروج .
لاحِظُوا يُوجدُ قَسَمٌ بشُهودِ الشَّاهدِ ، وقَسَمٌ بشُهودِ المَشهُودِ ” عَظمةٌ على عَظمةٍ ” ، مِنْ جِهةِ الحَقِّ إلى الخلقِ عَظمةٌ ، ومِنْ جهةِ الخلقِ إلى الحَقِّ أيضاً عَظمةٌ ، يُوجدُ وَاوَانِ لِلقسمِ ، رَفعٌ على رَفعٍ عَظمـةٌ على عَظمـةٍ .
مِمَّا سَبقَ نَقولُ أنَّه لمَّا قالَ ” وشَاهدٍ ومَشهُودٍ “ وأقسَمَ اللهُ بِهذِه الحَقيقَة العُظمَى ، وأوجَدهَا في الذَّواتِ ، ونَدبَ المَخلُوقاتِ لِلوصُولِ إليها ، وعَرَّفَ نَفسَه أنَّه يَتَكشَّفُ لِلعبدِ ، ويَتجــلَّى مِنْ خــلالِ هذِه السِّكةِ ، وهذَا السُّلوكِ بِالذَّاتِ كـــانَ لابدَّ لِلعبدِ أنْ يَصِلَ إليهَــا .
فَنَستطيعُ أنْ نَستنبِطَ حُـكمَاً فِقهِيَّاً في عِلمِ الاسمِ المُتجلِّي الأعلَى ، وهوَ مَا يَلي :
هَل وَاجِـبٌ على العبدِ التَّعـرُّفُ على الاسمِ المُتجلِّي الأعـلَى ؟ .

 


( من كتاب علم الاسم المتجلي الأعلى للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى