القَانونُ وتَكَامُلُ تَجَلِّيَاتِ الحَيَاةِ – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

القَانونُ وتَكَامُلُ تَجَلِّيَاتِ الحَيَاةِ

إنَّ القَانونَ الذِي لا يَتغيَّرُ أبداً يُحافِظُ  دَوماً على تَكاملِ الحَياةِ التِي هيَ الحَقِيقةُ الأسَاسِيَّةُ والجَوهريَّةُ لِلخَلِيقةِ، لِذَلك إنَّ هذَا القَانونَ الكَينُونيَّ وبِالرَّغمِ مِنْ أنَّه لا يَتَغيَّرُ، إلَّا أنَّه حتَّى في عَدمِ تَغيُّرِه يُحافِظُ على دَفعِ قَوانِينَ جَديدةٍ لِلظهُورِ لِلطَّبقَاتِ المُختلِفةِ لِلطَّبيعَةِ، مِمَّا يَنتُجُ عَنْ ذَلكَ وُجودُ مُستوَياتٍ مُختلِفةٍ لِلخَلِيقةِ على مُختلَفِ الأشكَالِ والظَّواهِرِ .
وهيَ بِكُلِّ ذلكَ تَصنَعُ تَكامُلَ الحَيَاةِ بِكُلِّ تَجلِّياتِها  ظَاهرَاً وبَاطِنَاً .

إنَّ الحَيَاةَ التِي هيَ الحَقِيقةُ الأسَاسيَّةُ والجَوهريَّةُ لِلخَليقةِ هيَ التَّجلِّياتُ المُطلَقةُ لِذاتيَّةِ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ بِمقَامِها الظَّاهرِالذِي هوَ الوَعيُّ الصَّافِي الفَعَّالُ .

إنَّ هذِه التَّجلِّياتِ المُطلَقةِ لِلوَعيِّ الصَّافِيِّ الفَعَّالِ هيَ الحَقِيقةُ غيرُ الظاهِرةِ لِلعُقولِ، والتِي تُحافِظُ دَوماً على حَالتِها بِفعَاليَّةِ القَانونِ الكَينُونِيِّ، حَيثُ يَبقَى الوَعيُ الصَّافِي الفعَّالُ، أيْ مَقامُ كُنْهِ الهُوِيَّةِ الصَّافِيةِ مُحافِظاً على وَضعِهِ مِنْ كونِه وَعيٌ صَافٍ وكُنهٌ صَافٍ فَعَّالٌ في كُلِّ وَقتٍ، بِالرَّغمِ مِنْ أنَّه يَتحوَّلُ في الصُّورِ لِيَظهرَ بِكُلِّ الأشكَالِ والظَّوَاهرِ المُختلِفةِ، هذَا هوَ القانونُ الكَينُونِيُّ، إنَّه قَانونٌ وَاحدٌ لا يَتغيَّرُ فهوَ ثَباتُ ذَاتيَّةِ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ؛ المُطلَقةِ فَلَا تَتغيَّرُ، حَيثُ يَبقَى كُنْهُ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ؛ المُطلَقةِ بِحَياةٍ مُطلَقةٍ في كُلِّ مَكانٍ، بِالرَّغمِ مِنْ وجُودها في تَعدُّدِ صِفاتٍ تَتجلَّى مُتغيِّرَةً هنَا وهنَاكَ، وفي جَميعِ الطَّبقَاتِ المُختلِفةِ .

إنَّ القَانونَ الكَينُونيَّ هوَ المَقامُ المُطلَقُ لِلوَعِيِّ الصَّافِي الفَعَّالِ الذِي لايَعرِفُ التَّغييِّرَ، إنَّه أسَاسُ جَميعِ قَوَانينِ الطبِيعَةِ، ويُحافِظُ على حَالَتِها في كُلِّ طَبقاتِ الخَلِيقةِ، وفي الوَقتِ ذَاتِهِ يُطوِّرُها إلى حَالَاتٍ أعلَى بِالتَّوَافُقِ مَعَ الغايةِ الكَونيَّةِ لِلخَلِيقةِ والتَّطوُّرِ، وبِالتالِي يُحافِظُ على مَجرَى التَّطوُّرِ .

هَكذَا، وَبِالرَّغمِ مِنَ استِمرارِ المُحافظةِ والتَّطوُّرِ في الخَلِيقةِ بِشكلٍ مُباشَرٍ بِالقوانِينِ المُختلِفةِ لِلخَلِيقةِ، يُحافِظُ القانونُ الكَينونِيُّ الأبدِيُّ، الذِي هوَ أسَاسٌ لِكُلِّ هذِه القَوانِينِ، على وجُوده في مَجالِ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ، التِي هيَ أسَاسُ كُلِّ الخَلِيقةِ .

 


( من كتاب الهوية للمفكر الإسلامي الشيخ د. هانيبال يوسف حرب ) .


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى