تَعْرِيْفُ الْوَعي – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

تَعْرِيْفُ الْوَعي

بَعْدَ أنْ تَكَلَّمْتُ عَنْ قَانُونِ الذَّاتِيَّةِ لِلذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ  فَإنِّي هُنَا لَابُدَّ أنْ أوَضِّحَ مَعْنَى الْوَعي .

الْوَعيُ فِي اللُّغَةِ : الْفَهْمُ وَسَلَامَةُ الْإدْرَاكِ .

وَنَحْنُ هُنَا لَانَفْهَمُ إلَّا بِفَاعِلِيَّةٍ ذَاتِيَّةٍ كَمَا قُلْنَا سَابِقَاً وَإلَّا لَمْ يَكُنِ الْإدْرَاكُ فَاعِلَاً لِيَقُومَ بِعَمَلِيَّةِ الإدْرَاكِ .

وَعَلَيْهِ فَإنَّ الْوَعيَ هُوَ خَصِيْصَةٌ رُوحِيَّةٌ وَلَيْسَتْ نَفْسِيَّةً أوْ عَقْلِيَّةً وَمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَعيِ النَّفْسِيِّ وَالْوَعْيِ الْعَقْلِيِّ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَظْهَرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَظَاهِرِ الْوَعْيِ لَا بِاعْتِبَارِ الْوَعْيِ الأصْلِ الَّذِيْ هُوَ الْوَعْيُ  الرُّوحِيُّ .

إذاً : الْوَعْيُ الرُّوحِيُّ هُوَ الْوَعْيُ الْأصْلُ وَلَهُ مَظَاهِرُ خَاصَّةٌ بِمَكَانِ ظُهُورِهِ وَلَهُ أنْوَاعٌ :

فَظُهُورُهُ فِي عَالَمِ الْعَقْلِ يُظْهِرُ لَنَا نَوْعَاً خَاصَّاً فِي الذَّكِاءِ الرُّوحِيِّ نَقُولُ لَهُ بِمُجْمَلِهِ الْوَعْيَ الْعَقْلِيَّ  ، وَكَذَا بِظُهُورِهِ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ مِنَ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ فِي عَالَمِ النَّفْسِ نَقُولُ لَهُ الْوَعْيَ النَّفْسِيَّ، وَفِي ظُهُورِهِ فِي الْكَوْنِ بِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنَ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ نَقُولُ عَنْهُ الْوَعْيَ الْكَوْنِيَّ ، وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الذَّاتِ فَإنَّ لَهُ نَوْعَاً خَاصَّاً مِنَ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ نَقُولَ لَهُ الْوَعْيَ الذَّاتِيَّ ، وَهَكَذَا مَهْمَا تَعَدَّدَتْ مَظَاهِرُهُ تَتَعَدَّدُ نِسَبُهُ فَتَتَعَدَّدُ تَسْمِيَاتُ أنْوَاعِهِ .

وَهُنَا عِنْدَمَا نَقُولُ الْوَعْيَ الرُّوحِيَّ إذَاً نَقْصِدُ كُلَّ تِلْكَ الأنْوَاعِ دُونَ تَمْييزٍ فَنَحْنُ هُنَا نَتَكَلَّمُ فِي عَالَمِ الرُّوحِ الَّتِي هِيَ فَوْقَ تِلْكَ النِّسَبِ وَعَوَالِمِهَا .

فَالْوَعْيُ الرُّوحِيُّ : هُوَ مُجْمَلُ الإدْرَاكَاتِ الَفَعَّالَةِ الَّتِيْ تَتَوَهَّجُ عَنِ الرُّوحِ .

وَيَكُونُ الذَّكَاءُ الرُّوحِيُّ : هُوَ حَرَكَةُ تِلْكَ الإدْرَاكَاتِ الْفَعَّالَةِ فِيْمَا بَيْنَهَا

تَفْصِيْلَاً وَإجْمَالَاً .

( نقلاً عن كتاب علم الذكاء الروحي للمفكر الإسلامي الشيخ د. هانيبال يوسف حرب ) .