مَعرِفةُ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

مَعرِفةُ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ

إنَّ القولَ بِأنَّ كُنْهَ الهُوِيَّةِ المُطلَقَ هوَالحَقِيقةُ النِّهائِيَّةُ والأبدِيةُ لِلحياةِ هيَ مُوَجِّهٌ بِشكلٍ مُؤَكَّدٍ لِكُلِّ إنسَانٍ كَي يَختَبِرَها .

لا يُوجَدُ أيُّ عَقبَةٍ في الطرِيقِ نَحوَ الحَياةِ القَيُّومِيَّةِ . 

إنَّ مُمارَسةً بَسيطةً تُخَلِّصُ الإنسانَ مِنْ مَخَاوِفَ كَبِيرَةٍ، فَقَط تَفَكَّرْ .

إنَّه التَّفَكُّرُ .

بِمَا أنَّ كُنْهَ الهُوِيَّةِ مُطلَقٌ فهوَ الأقصَى .

هوَ مَحضُ وجُودٍ بالرَّغمِ مِنْ أنَّ مُعايَنتَهُ مُتعَذِّرَةٌ لايُدرِكُه العَقلُ المُقيَّدُ؛ في الوقتِ الذِي يُمكِنُ مُطارَحةُ تَجلِّياتِه الحَياتِيَّةِ القَيُّومِيَّةِ بِمَا لِلإنسانِ مِنْ خُصوصِيَّةٍ في هذَا الكُنْهِ .

مَعرِفةُ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ تُؤَمِّنُ الإنقَاذَ والمَأوَى ضِدَّ الخَوفِ مِنَ الإلغَاءِ الذِي تُعَزِّزُه المَعرِفةُ المُتزَايدَةُ لِلإنسانِ في العُلومِ المُختلِفةِ، فحِين يَفنَى الإنسانُ بِالهُوِيَّةِ يَمنَحُه الإطلَاقُ الذاتِيُّ لَها حَياةً قَيُّومِيَّةً بَاقِيةً، فَيَبقَى بِالكُنْهِ بَقاءً يُوصَفُ بأنَّه عَالِي التَّجلِّي بَينَ مَظاهِرِ الحياةِ .

إنَّ وُجودَ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ، كَونُها الحَقِيقةُ الأبدِيةُ النِّهائِيةُ، يُؤَمِّنُ الإمكَانِيَّةَ لِدَعمِ وَتَقوِيةِ الحَياةِ الفَردِيَّةِ بِالأسَاسِ العَمِيقِ لِحَياةٍ أبدِيَّةٍ خَالِدةٍ في النَّعِيمِ المُقِيمِ . لِذلكَ على الوُجوهِ ( التَّجلِّياتِ ) الدَّائِمَةِ في تغيرها لِلحياةِ الفَردِيَّةِ أنْ تَرتَكِزَ على الوَجهِ غَيرِالمُتغيِّرِ، الذِي هوَ ذَاتيَّةُ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ .

هُناكَ هَمزةُ وَصلٍ مِنْ طاقةِ الحياةِ تَربِطُ الوجُودَ غَيرَ المُتغيِّرِ في ذَاتِيَّةِ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ الأبدِيِّ مَعَ التَّجلِّياتِ الدَّائِمَةِ التَّغيُّرِ لِلحياةِ النِّسبِيَّةِ .

هذِه الهَمزَةُ هيَ رَمزُ القُدرَةِ الأزَليَّةِ في ذَاتِ الكُنْهِ، وَهيَ السَّرَيانُ الذاتِيُّ لِلإطلَاقِ في مَجَالِي الحَياةِ، فَالحَياةُ الحَقَّةُ تَوَهُّجُ هذَا الوجودِ المَحضِ، وتَوَهجُ الحياةِ هوَ السَّرَيانُ في ذَوَاتِ التَّجلِّياتِ، فَمِنْ حَيثُ السَّريَانِ يُسمَّى هذَا التَّوَهُّجُ الحَياتيُّ قَيُّومِيَّةً، ومِنْ حَيثُ حَاكِميةِ الحياةِ على كُلِّ مَظاهِرِها ومَجَالِيها وتَجلِّياتِها يُسمَّى قُدرَةً .

إذاً كُنْهُ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ الأبدِيِّ حَيٌّ قَيُّومٌ قَادِرٌ مُحيِي .

 


( من كتاب الهوية للمفكر الإسلامي الشيخ د. هانيبال يوسف حرب ) .


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى