مَحَلُّ الاسم مِنَ الجِسمِ
اعلمْ يَا وَليِّي في الله تعَالى وأيَّدَك بِرُوحٍ منه أنَّك إذا عَطَّلتَ الحَواسَّ الظاهِرةَ منكَ واستَسْلَمتَ لِسلطانِ النوم فإنَّه لا يَربطُك بالعَالَم الخَارج عنكَ إلَّا حُروفُ اسمِكَ ، فإذا نَادَاكَ أحدٌ أنِ استيقِظْ يَا فلان ( باسمِكَ ) ، فأنتَ في تلكَ اللحظة على اليَقِينِ بِأنَّكَ المُخاطب بالنِّدَاء والمَقصُودُ بالإيقَاظِ لِدَرَجةٍ تَستطيعُ معها بِطاقةِ حُروفِ اسمِكَ التَّخلُّصَ مِنْ سُلطانِ النومِ ، وإجبَارَ عَوَالِمك على الانفِتَاح على العَوَالم الظاهرَةِ الخَارجةِ عَنكَ .. وبالتالي تَعلَمُ يَقِيناً أنَّ مَحَلَّ اسمِكَ مِنْ جِسمِك هوَ الأُذُنُ .
أمَّا حِكمَةُ وجودِ الاسم في مَحَلِّ الأُذُنِ فهو احتِيَاجُ الإنسان إلى الوَعيِّ لِلتفَاعُلِ مع الاسم ، فلو نَادَيتَ إنساناً بغيرِ اسمِه وهو نَائِمٌ فَإنَّه وإنْ سمِعَكَ لا يَستجِيبُ لِندَائِك ، لأنَّ نُقطة الوَعيِّ تُهَمِّشُ له النداءَ وتُؤكِّدُ له أنَّه غيرُ مَقصودٍ بهذا الندَاءِ ، فَلا يُفَعِّلُ الجسم معَ عَوَالمِه الخارجيَّةِ الظاهرةِ في هذِه الحَالةِ إلَّا الوَعيَّ ، ولا يُفَعِّلُ الوَعيَّ إلَّا اسمَ الشخصِ بعينِه ، وعليه كانَ الوَعيُّ مَحَلُّه الأُذُنُ لِهذا الارتِباطِ .
وإذا قلنا الوَعيَّ هنا نَقصِدُ رُوحَ الوَعيِّ لا آليَّاتُ الدمَاغِ ، فإنَّ آلياتِ الدماغِ مِنْ وَعيِّ ومَكانٍ لاختِزَانِ الحُروفِ والأسماءِ إنَّمَا هيَ مَظهرٌ مِنْ مَظاهِرِ تَفاعُلِ رُوح الوَعيِّ مع رُوحِ السَّمْعِ معَ رُوحِ الاسم، وكلُّ ذلكَ في رُوحِ الأُذُنِ ..
وتستطيعُ أنْ تقرأ إنْ شِئتَ قوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } الحاقة12 .
فالأُذُنُ هنا مَوصُوفةٌ بالوَعيِّ، وتستطيعُ القولَ ببساطةٍ أنَّ الأذنَ مَحَلَّ الوَعيِّ (( فَصْلٌ بَل وَصلٌ )) .
( من كتاب علم المحلات للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ) .
أقرأ التالي
2 أبريل، 2020
الْإدْرَاكُ وَالْفَاعِلِيَّةُ – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
29 مايو، 2020
أنت عبد لله تعالى – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
5 يونيو، 2020
مبادئ الفن – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
زر الذهاب إلى الأعلى