مَحَلُّ الإحسَانِ
اعْلَمْ أيَّدَكَ الله تعالى بِرُوحِ الإحسان مِنه أنَّه سُبحانه لَمَّا جعلَ كَعبةَ جَسَدِكَ مَحَلَّ الإيمانِ أَلَا وهوَ القلبُ كَمَا بَيَّنَا سَابقاً، فإنَّ لِلإحسَانِ مَحَلَّاً هو صَفحةُ الرُّوح بِأكمَلِها لا يَخُصُّ فيها وَجهاً دونَ وَجهٍ ، وذلكَ لأنَّ الرُّوحَ عندَما خَرَجَتْ مِن حِياض الحَقِّ تعالى بخَصائِصها السَّبعة المَطوِية باسمهِ الرَّحمن ، والذِي شَرْطُ وُجُودِها إنَّمَا هو مِن نور اسمِه الحَيِّ ومُلَازمَةِ القيوم ، فقد كانت جَوهراً فَرداً قَائِماً بِنفسهِ لا يَتَجَزأُ ، فلمَّا اختارَها الله تعالى مَحَلَّاً لِلإحسَانِ صِيْغَ الإحسَانُ مُوافقاً لِشاكِلتها حتى أصبحَت الخَصِيصة الثامنة لِلرُّوح والتِي هيَ جَامعةٌ لِلخصائصِ السَّبعةِ التي شرطُها الحياة ، ولهذا كانَ السُّلوكُ إلى مَعرِفة الله تعالى يَصِلُ في المَقَامِ الثالثِ بَعد الإسلَامِ والإيمانِ إلى الإحسَانِ فلَا يُمكِنُ تَحقُّقُ الإحسَانِ بِغيرِ عُبورِ الإسلام ثُمَّ مَقام الإيمان لِنَصِلَ إلى الإحسان ، ولهذا مِن حِكمةِ الله تعالى جاءَت الآية الكريمة وهيَ قولُه تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } الرحمن60 .
في سورةٍ هيَ عَرُوسُ القرآنِ وهيَ سورةُ الرَّحمنِ الذي خَلَقَ الإنسانَ ، فَخَلَقَ الإنسانَ ورُوحَ الإنسانِ مِنَ الاسمِ الرَّحمن كَمَا في مَطلَعِ السُّورةِ الشَّريفةِ ، وَمِنْ عَوَالِمها أنَّ الإحسَانَ جَزاءُ الإحسانِ ، وعليهِ تَقَرَّرَ لدينا أنَّ الإحسانَ مَحَلُّهُ الرُّوحُ .
( من كتاب علم المحلات للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ) .
أقرأ التالي
6 يونيو، 2020
العبودية – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
5 يونيو، 2020
من حجب العزة – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
5 يونيو، 2020
الحمد لله رب العالمين – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
زر الذهاب إلى الأعلى