قَانُونُ الذَّاتِيَّةِ الرُّوحِيَّةِ فِيْ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

قَانُونُ الذَّاتِيَّةِ الرُّوحِيَّةِ فِيْ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ

هُوَ الْقَانُونُ الأسَاسُ الَّذِيْ يُمَثِّلُ أوَّلَ عَتَبَاتِ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ فِي الرُّوحِ وَبِالتَّالِيْ فَإنَّهُ قَانُونٌ ذَاتِيٌّ لِلذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ  وَلَا يُمْكِنُ لِذَكَاءٍ رُوحِيٍّ أنْ يَكُونَ بِلَا هَذَا الْقَانُونِ وَكَلُّ مَا لَا يُوصَفُ بِهَذِهِ الْفَاعِلِيَّةِ وَالإدْرَاكِ مِنَ الأحْيَاءِ فَلَيْسَ مِنَ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ فِي شَيْءٍ .

لِذَلِكَ هُوَ قَانُونٌ ذَاتِيٌّ وَمِنْ هَذَا الْقَانُونِ الذَّاتِيِّ تَبْدَأ نَشْأَةُ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ ، فَاسْتِمْرَارُ الْحَيَاةِ هُوَ اسْتِمْرَارُ تَوَهُّجِهَا بِالإدْرَاكِ وَالْفَاعِلِيَّةِ وَمَعَ كُلِّ تَوَهُّجٍ عِنْدَنَا إدْرَاكٌ جَدِيْدٌ وَفَاعِلِيَّةٌ جَدِيْدَةٌ تُضَافُ إلَى التَّوَهُّجِ السَّابِقِ ، وَبِالتَّالِي فَإنَّ تَدَفُّقَ الْحَيَاةِ فِي مَظْهَرِيَّةِ الرُّوحِ إنَّمَا هُوَ تَدَفُقٌ لِمَزِيْدٍ مِنَ الإدْرَاكِ وَالْفَاعِلِيَّةِ وَبِالتَّالِي هُوَ تَكْوِيْنٌ لِحَضْرَةِ الْوَعْيِ .

فَالْوَعْيُ يَنْشَأ عَنْ هَذَا الْاستِمْرَارِ بِحَيْثُ أنَّ التَّوَهُّجَ الأوَّلَ يُدْرِكُ صُدُورَ التَّوَهُّجِ الثَّانِي وَبِالتَّالِي فَاعِلِيَّةَ الأوَّلِ وَالثَّانِي وَبِالتَّالِي يَنْمُو الإدْرَاكُ وَالْفَاعِلِيَّةُ مَعَ اسْتِمْرَارِ التَّوَهُّجِ أي اسْتِمْرَارِ الْحَيَاةِ فَيَتَشَكَّلُ مَعَنَا التَّرْكِيْبُ الإدْرَاكِيُّ وَيَتَكَوَّنُ التَّرْكِيْبُ الْفَاعِلُ فَيَظْهَرُ بِأحَدِيَّةٍ حَيَاتِيَّةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ الْوَعْيُ الرُّوحِيُّ وَهَذَا الْوَعْيُ الرُّوحِيُّ يَسْتَمِرُّ بِالتَّوَهُّجِ مَعَ اسْتِمْرَارِ الْحَيَاةِ الرُّوحِيَّةِ لِيُصْبِحَ أحَدِيَّةً حَيَاتِيَّةً وَاحِدَةً أكْبَرُ عَنَاصِرِهِ الأسَاسِيَّةِ هِيَ التَّوَهُّجَاتُ الْإدرَاكِيَّةُ وَالْفَاعِلِيَّةُ  فَإذَا بِهِ أحَدِيَّةٌ حَيَاتِيَّةٌ مُمْتَلِئَةٌ بِتَوَهُّجَاتِ الرُّوحِ الْحَيَّةِ بِكُلِّ مَا أدْرَكَتْهُ وَفَعَلَتْهُ مِنْ لَحْظَةِ الْبَدْءِ ، هَذَا الْمَكْنُونُ الْوَاعِي لِلْوَعْيِ الرُّوحِيِّ الْمُكَوَّنِ نُطْلِقُ عَلَيْهِ اسْمَ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ .

فَالْوَعْيُ هُوَ صُورَةُ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ بِأحَدِيَّةٍ حَيَاتِيَّةٍ وَاحِدَةٍ .

وَهُوَ أيْضَاً مَظْهَرُ التَّوَهُّجِ لِلْإدْرَاكِ الْفَعَّالِ الْمُسْتَمِرِّ .

وَهُوَ أيْضَاً مَظْهَرُ التَّوَهُّجَاتِ الرُّوحِيَّةِ  لِلْحَيَاةِ .

وَهُوَ أيْضَاً مَظْهَرُ اسْتِمْرَارِ تَوَهُّجِ الْجَوْهَرِ الرُّوحِيِّ الْفَرْدِ .

وَمِنْ هُنَا نَفْهَمُ لِمَاذَا يَخْتَلِفُ وَعْيٌ عَنْ وَعْيٍ لَيْسَ بِمَا يَصِلُ إلَيْهِ لِيُدْرِكَهُ وَيَفْعَلَ بِهِ بَلْ لِمَاذَا يُدْرِكُهُ عَلَى هَذَا الْأمْرِ .

فَإنَّ وِلَادَةَ الرُّوحِ وَخَلْقَهَا فِي لَحظَاتِ تَكْوِيْنِهَا الْأوَّلِ لَهُ تِلْكَ الْأوْلَوِيَّةُ فِي بِنَاءِ الْوَعْيِ النَّاتِجِ عَنِ اسْتِمْرَارِ حَيَاتِهَا وَمَا تُضِيْفُ إلَيْهَا مِنْ إدْرَاكَاتٍ مُتَلَاحِقَةٍ تُصِيْغُ الْوَعْيَ الذَّاتِيَّ لِلرُّوحِ الَّذِيْ يَعِيْشُ تَوَهُّجَهُ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ أوَّلَاً وَبِمَا يَصِلُهُ مِنْ إدْرَاكَاتٍ ثَانِيَاً .


( نقلاً عن كتاب علم الذكاء الروحي للمفكر الإسلامي الشيخ د. هانيبال يوسف حرب ) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى