قَاعِدَةُ الْجَمَالِ وَالَأجْمَلِ
2- قَاعِدَةُ الْجَمَالِ وَالَأجْمَلِ :
– مِنْ أبْهَى حَضَرَاتِ الْجَمَالِ أنْ تُحِبَّ اللهَ ..
وَالَأجْمَلُ ألَّا تُحْجَبَ بِالْحُبِّ عَنِ الْمَحْبُوبِ .
– تُرجمانُ حُبٍّ :
فإنَّ الحُبَّ من الحقِّ سبحانَهُ وتعالى مَصدرُهُ ، وهو من تجلياتِ الجَمالِ الأبهجِ ولكنَّ قوةَ ذلكِ الجَمالِ ولَذَّةَ ذلكَ الحُبِّ غالباً ما تأخذُ العاشقَ عن محبوبِهِ فتراهُ يعيشُ الحُبَّ ولايعيشُ المحبوبَ ؛ وشتَّانَ بينَ مَن يعيشُ الحُبَّ وبينَ مَن يعيشُ المحبوبَ ؛ فالمحبوبُ هو المطلوبُ .
وكثيرونَ هم مَن تاهوا وضاعوا في التذاذاتِ الحُبِّ عن المحبوبِ ؛ فترى الواحدَ منهم يعنِّفُ المحبوبَ إذا فاتَهُ أيٌّ من التذاذاتِ الحُبِّ – حُبٌّ في بابِ حُبِّ الإنسانِ للإنسانِ – فما بالكَ في الحُبِّ الإلهيِّ ؟ فإنَّ الغفلةَ بلذيذِ الحُبِّ عن مقامِ الربِّ إنَّما هو ذنبٌ شنيعٌ على صاحبِهِ ..
ولكَ أن تسمعَ قولَهُ تعالى :
{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ {40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ {41} النازعات .
هذا لمَنْ خافَ مقامَ ربِّهُ ..فكيفَ بمَنْ أحَبَّ مقامَ ربِّهِ بلْ وأحَبَّ صاحبَ المقامِ ذاتياً ؟!
وهنا ملمحٌ علميٌّ عجيبٌ : فإنَّ المحجوبَ محجوبٌ ولو كانَ محجوباً بالحُبِّ عن المحبوبِ ؛ إلا أنَّ المحجوبَ بالحُبِّ تبقى مشكلتُهُ وغفلتُهُ أرحَم من غيرهِ ، لأنَّ في الحُبِّ سطوةً ربما يُعذَرُ عليها المُحبُّ بين يديِّ محبوبِهِ ريثما ينتقلُ عن حجابِ غفلتِهِ بالحُبِّ إلى شهودِ محبوبِهِ بالحُبِّ .
أما كيفَ تتخلصُ من حجابِ الحُبِّ إذا صارَ في حقِّكَ حجاباً ؟ فأنتَ لامحالةَ تحتاجُ إلى وليٍّ مرشدٍ خاضَ الحُبَّ واختبرَهُ قبلَكَ ليخرجَكَ مما أنتَ فيهِ ليعيدَكَ إلى سِلكِ شهودِ المحبوبِ دونَ أن تفقدَ الحُبَّ ، فإنَّ الحُبَّ مطلوبٌ ليكونَ مَركبَكَ إلى الحُبِّ الإلهيِّ ولاخطورةَ فيهِ إلا إذا صارَ حجاباً عمَّ المحبوبَ .. عندها يجبُ إعادتُهُ إلى وظيفتِهِ الحقيقيةِ .
فإنَّ مُحبَّاً لمحبوبٍ بلا حُبٍّ لايكونُ .
أمَّا لماذا انقلبَ الحُبُّ الذي هو مركبٌ واصلٌ ولابدَّ منهُ للمحبِّ إلى حجابٍ ؟ فهذا يتعلقُ بطفيفِ ظُلمةٍ خفيةٍ في ذاتِ السالكِ لطريقِ الحُبِّ .
هذهُ الظُلمةُ الخفيةُ هي من النوعِ الشهويِّ تظهرُ عندما تجنحُ ذاتُ المحبِّ إلى الحُبِّ شهوةً لتحصيلِ الالتذاذِ بالحُبِّ كلونٍ إضافيٍّ على حصولِ الجَمالِ بقربِ المحبوبِ .
فإذا اقتربَ الحُبُّ بالعبدِ من المحبوبِ ظهرَتْ تلكَ الغفلةُ الظُلمانيةُ فاستحكمَتِ العاشقَ ، فإنَّ مقامَ الدخولِ على المحبوبِ الربِ لايقبلُ الشوائبَ لذا تحصلُ التنقيةُ ويَظهرُ الحجابُ فيعاينُهُ المحبُّ ثم يختبرُهُ فيستعينُ بساقي الحُبِّ الوليِّ المرشدِ ليرفعَ ذلكَ الحجابَ .
( من الرسالة الأولى في بسط قواعد العشق للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ) .
أقرأ التالي
5 يونيو، 2020
بنية الغريزة
18 يونيو، 2020
الخدمة – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
28 مايو، 2020
قاعدة رقائق عشق رحيمية – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
زر الذهاب إلى الأعلى