في بَيَانِ أهمِيَّةِ مَرَاحِلِ السُّلُوكِ
سُؤَالٌ : لِمَـاذا جَعَلْنَـا الفِرعَونيـَّةَ ” فِرعَونَ مُوسَى “ مِثَـالاً في القـرآنِ الكريـمِ ؟؟؟
والجَوابُ : كَي يَنْتَبهَ العَـارِفونَ إلى الحَقيقَـةِ التَّاليـةِ :
انْتَبِه لاتُفكِّرْ يَوماً مَا عندَما تَصِلُ إلى هذَا الاسمِ المُتجلِّي الأعلَى ، وتَرَى الإطلَاقَ ، ويُسلِّمُك اللهُ سبحَانَـه وتَعَالى مَفَاتيحَ الكَونِ ، وتُصبحُ مُتصرِّفَاً بِكُلِّ أبعَادِكَ بِأنَّك وَصلتَ إلى الأُلُوهيَّة ، ولاحتَّى إلى الرُّبوبيَّةِ ، أنتَ لَمْ تَصلْ إلى شيءٍ ! أنتَ وَصَلتَ لِتَتعرَّفَ، بَل أنتَ أُوصِلتَ ، أَوْصَلَكَ اللهُ وعَرَّفَك ، لَو كُنتَ في ذَاتِك على شيءٍ مِنَ الألُوهِيـَّةِ لَمْ تَكُنْ بِحاجةٍ إلى مَنْ يُوَصِّلُكَ ويُعَرِّفُكَ ، كُنتَ عَرَفتَ مِنْ ذَاتِـكَ .
فَمَرَاحلُ السُّلوكِ هَامَّةٌ لأنَّه لمَّا يَصِلِ العَارفُ إلى الإطلَاقِ إلى الحَقيقَةِ الكَاملةِ ، ويَشهَدُها ويَدخُلُ في حِياضِ الشَّاهدِ والمَشهُودِ ، في كُلِّ لَحظةٍ سَيَتذَكَّرُ آلامَ السُّلوكِ ، فَيَعرِفُ كيفَ وَصَلَ، لَنْ يَنخَدِعَ ويَأتيَ شَيطانٌ ويَقولُ له صِرتَ إلَهَنَا يَاسَيدِي يَامَولَانَا ، صِرتَ أعلَمَ شَخصٍ عَلى سَطحِ الأرضِ ، أنتَ إلهُ الكونِ فَيُصبحُ فيه مِثلُ فِرعَونَ ، فِرعَونُ لَمْ يَسلُكْ فهوَ وُلدَ مِنْ بَطنِ أمِّه في فَمِه مِلعَقةٌ مِنْ ذَهَبٍ ، حَضَّرُوا مُوسَى عليه السَّلامُ لِيُصبحَ فِرعَوناً ، فَعَلَّموه كُلَّ ثَقافاتِ الكونِ ، ولكنْ لمَّا وَصَلَ إلى آخَرِ ذُروَةٍ في العِلمِ وَجـدَ أنَّ الاسمَ الإلَهيَّ الأعلَى إنَّمَا هوَ بالتَّعـرُّفِ بِالتَّكشُّف ، وليسَ بِالعـلمِ فَقَـط ، فَلَجَــأَ إلى اللهِ لِلتَّعـرُّفِ فَعرَّفَـه اللهُ سبحَانَـه وتَعَالى .
( من كتاب علم الاسم المتجلي الأعلى للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ) .