فتح علمي من حضرة شهود نادرة – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

فَتْحٌ عِلْمِيٌّ مِنْ حَضْرَةِ شُهُودٍ نَادِرَةٍ

 

أخْبَرَنِي الْبَعْضُ مِنْ طُلَّابِي وَأصْدِقَائِي أنَّهُمْ لَيَظُنُّونَ أنَّ عُلُومَاً تَتَنزَّلُ عَلَيَّ حِيْنَ يَسألُنِي أحَدُهُمْ سُؤالَاً مَا ، وَالْحَقِيْقَةُ أنَّ الْعُلُوم لَا تَتَنَزَّلُ عَلَيَّ فِيْ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأنَّ حَضْرَتِي تَكُونُ مُنْصَرِفَةً إلَى مَا يَتَجَلَّى الْحَقُّ الْعَلِيْمُ بِهِ عَلَيَّ مِنْ وَرَاءِ الذَّوَاتِ الْمُقبِلَةِ عَلَى سُؤالِي ، وَلْتَعْلَمُوا أنِّي إذَا انْصَرَفْتُ إلَى حَضْرَةِ الْعُلُومِ فَهَذَا يَعنِي أنِّي سَأغْفَلُ عَنْ حَضْرَةِ الْعَلِيْمِ وَهَذَا لَا يَكُونُ مِنْ حَبِيْبٍ لَهُ ، فَشُهُودِي لِلعَلِيْمِ أشْرَفُ لِي مِنْ أنْ أنْصَرِفَ إلَى حَضْرَةِ الْمَعْلُومَاتِ .
وَلَكِنَّهَا فُرْصَةٌ هُنَا لِأجِيْبَ عَلَى السُّؤالِ الَّذِي طَالَمَا سَألُونِي لِأجِيْبَ عَنْهُ وَلَمْ أُجِبْ لِحَيَائِي بَيْنَ يَدَي اللهِ تَعَالَى وَلَكِنِّي يَجِبُ أنْ أتَكَلَّمَ بِهِ الآنَ حَتَّى لَا يُشَاعَ عَنِّي مَا لَسْتُ عَلَيْهِ ، وَأقُولُ :
أمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْعُلُومِ فَقَدْ مَنَحَنِي الرَّبُّ هَذِهِ الْهِبَةَ اختِصَاصَاً إلَهِيَّاً مِنْ حَضْرَةِ شُهُودٍ نَادِرَةٍ ، وَذَلِكَ مُنْذُ دُخُولِي عَلَيْهِ فِي خلْوَةِ الشُّهُودِ عَلَى يَدِ شَيْخِي فِي نِهَايَةِ سُلُوكِي لِمَقَامَاتِ التَّسْلِيْكِ لِأبْدَأ مَعَ الْحَقِّ بَقَائِي بِهِ .
وَلَرُبَّمَا يَكُونُ هُنَاكَ عِلْمٌ يَحْتَاجُهُ أحَدُهُمْ فَيَفْتَحُ اللهُ لِي بِهِ قَبْلَ لَيْلَةٍ مِنْ سُؤالِهِ لِي ؛ فَأعْرِفُ أنِّي أمَامَ إجَابَةٍ عَنْ هَذِهِ الْمَسْألَةِ غَدَاً ؛ فَيُكْسِبُنِي هَذَا الأمْرُ كَشْفَاً مَعْرِفِيَّاً زِيَادَةً عَلَى الْكَشْفِ الْعِلْمِيِّ .
وَفِي بَعْضِ الأحْيَانِ وَأثنَاءِ الرَّدِّ عَلَى بَعْضِ الإجَابَاتِ فَمِنَ الْمُمْكِنِ أنْ يَكُونَ هُنَاكَ فَتْحٌ خَاصٌّ بَسِيْط ٌ فِي تَرتِيْبِ تَفَاصِيْلِ الْمَعْلُومَاتِ لَا فِي الْمَعْلُومَاتِ وَهُوَ لَا يَشغُلُنِيْ عَنِ الْحَضْرَةِ .

أمَّا عَنْ سُرْعَةِ إجَابَاتِي وَمَنْطِقِيَّتِهَا وَحُجَّتِهَا وَأدِلَّتِهَا فَاعْلَمُوا أنَّ كُلَّ مَا تَرَونَهُ رُبَّمَا يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ لَكُمْ شَيْئَاً عَجَائِبِيَّاً وَلَكِنَّهُ لَا يُشَكِّلُ شَيْئَاً بِالنِّسْبَةِ لِلْفَتْحِ الرَّبَّانِيِّ الَّذِي فَتَحَهُ الرَّبُّ لِي وَشَوَاهِدُهُ فِي صَفْحَةِ السَّرِّ ، فَإنَّ حَالِي الْيَومَ عِنْدَمَا أجِيْبُ عَلَى الْأسْئِلَةِ وَ كَما يَشْهَدُ السَّائِلِيْنَ كَحَالِ طَالِبٍ جَامِعِيٍّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أسْئِلَةُ الصَفِّ الْأوَّلِ الإبْتِدَائِيِّ  .. ؛ فَإنَّ مَا فِي المَلَكُوتِ مِنْ عُلُومٍ هُوَ أعْمَقُ بِكَثِيْرٍ مِنْ حَرَكَةِ عُقُولِ وَأرْوَاحِ أهْلِ الْأرْضِ فِي يَومِنَا هَذَا ، وَلَعَلَّ المُطَالِعَ لِعُلُومِ الْمَلَكُوتِ يُدْرِكُ تَمَامَاً أنَّنَا نَحْنُ الْبَشَرُ لَمْ نَنْضُجِ بَعْدُ لِلْوُصُولِ إلَى حَقَائِقِ الْوُجُودِ الْمَحْضِ بِدَرَجَةٍ كَافِيَةٍ لِنَعِيَ الْحَقِيْقَةَ عَلَى مَاهِيَ عَلَيْهِ فِي وَقَائِعِهَا الذَّاتِيَّةِ .
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ أشْكُرُ طُلَّابِي وَأصْدِقَائِي حُسْنَ ظَنَّهِمْ بِي وَألْفِتُ النَّظَرَ أنِّي عِنْدَ تَصَدُّرِي لِلْإجَابَاتِ الْخَاصَّةِ الَّتِي تَرِدُنِي إنَّمَا يَكُونُ لِي جَنَاحٌ مِنَ الْمَدَدِ الرَّبَّانِيِّ مِنْ رُوحِ الْقُدْسِ يُمَكِّنُنِي أنْ أنْهَلَ مِنْ حَقَائِقِ أجْوِبَةِ السَّائِلِيْنَ وَأبُثُّهَا إلَيْهِمْ وَهُوَ التَّخَلُّقُ بِقَولِهِ تَعَالَى  : { يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ {29} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ {30} سُورَةُ الرَّحْمَنِ .   

 


( من كتاب علم الحقائق البرزخية بين الحضرتين الموسوية والخضرية للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى