علم الكشف الباطني – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

عِلْمُ الْكَشْفِ الْبَاطِنِيِّ

 

هُوَ عِلْمٌ جَلِيْلٌ مِنْ عُلُومِ الْقُلُوبِ ، بِحَيْثُ يُصْبِحُ لِهَذِهِ الْقُلُوبِ الْمُتَحَقِّقَةِ بِقَوَاعِدِ هَذَا الْعِلْمِ إشْرَافٌ عَلَى بَوَاطِنِ الْأشْيَاءِ وَالَّذِي مِنْهَا بَاطِنُ الْإنْسَانِ ، فَهُوَ عِلْمٌ عَامٌّ بِكُلِّ بَاطِنٍ لَا يَخْتَصُّ فَقَطْ بِالْبَوَاطِنِ الْإنْسَانِيَّةِ وَإنْ كَانَتْ مِنْ فُرُوعِهِ ، لِذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الْأهَمِّيَّةِ بِمَكَانٍ حَيْثُ أنَّهُ يُفْصِحُ عَمَّا وَرَاءَ الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ .

وَكَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيْثِ الشَّرِيْفِ الْمَرْفوعِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبْي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أنَّ لِكُلِّ آيَةٍ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ وَحَدٌّ وَمَطْلَعٌ فَإنَّ عِلْمَ الْكَشْفِ الْبَاطِنِيِّ يُفِيْدُ فِي مَعْرِفَةِ بَوَاطِنِ الْآيَاتِ كَمَا نَصَّ الْحَدِيْثِ وَكذَلِكَ بَوَاطِنِ السُّوَرِ بِكُلِّيَّاتِهَا ؛ وَجُزْئِيَّاتِهَا بِجَمْعِهَا وَإفْرَادِهَا ، وَكَذَلِكَ يُفِيْدُ فِي مَعْرِفَةِ بَوَاطِنِ الْألْفَاظِ وَخَصَائِصِهَا الرُّوحِيَّةِ ، بَلْ وَمَعْرِفَةِ مَا بَطُنَ مِنْ خَصِيْصَةِ كُلِّ حَرْفٍ فِي الْقُرْءَانِ الْكَرِيْمِ ، فَكَمَا أنَّ لِظَاهِرِ الْقُرْءَانِ الْكَرِيْمِ مِنْ سُوَرٍ وَآيَاتٍ وَألْفَاظٍ وَحُرُوفٍ سُلْطَانٌ وَتَألُّقٌ فِي عَالَمِ الْكَلِمَةِ وَالتَّفْسِيْرِ وَالْعِلْمِ الْعَقْلِيِّ مِنْ تَحْلِيْلٍ وَتَرْكِيْبٍ وَتَرْجِيْحٍ ؛ فَإنَّ لِبَاطِنِ الْقُرْءَانِ الْكَرِيْمِ عَوَالِمَ تَفُوقُ صُورَتَهُ الظَّاهِرَةَ بِمَا لَا يُحْصِيْهِ الْبَشَرُ الْيَومَ عَلَى سَطْحِ الْأرْضِ ، فَالَّذِيْنَ يَسْمَحُ لَهُمُ الرَّبُّ الْيَوْمَ بِوُلُوجِ تِلْكَ الْعَوَالِمِ الْبَاطِنَةِ لِسُوَرِ وَآيَاتِ وَألْفَاظِ وَحُرُوفِ الْقُرْءَانِ الْكَرِيْمِ قَلَائِلُ وَنَادِرُونَ أمَامَ مَنْ يَقِفُونَ مَعَ عُلُومٍ ظَاهِرَةٍ فَقَطْ، مَعَ أنَّ الْمَطْلُوبَ شَرْعَاً أنْ يَكُونَ حَالُ الْبَشَرِ عَكْسَ ذَلِكَ ، لِذَلِكَ تَعَدَّدَتِ الدَّعَوَاتُ الْإلَهِيَّةُ لِلْبَشَرِ لِيَلِجُوا تِلَكَ الْعَوَالِمَ الْبَاطِنَةَ فِيْ كَثِيْرٍ مِنَ الْآيَاتِ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {24} سُورَةُ مُحَمَّدٍ .

فَهَذَا خِطَابٌ لِذَوَاتِنَا لِنَتَدَبَّرَ ، وَلَاحِظْ فِي الْآيَةِ كَلِمَةَ ( قُلُوبٍ ) فَهِيَ مِنَ الْعَالَمِ الْبَاطِنِ لِلْبَشَر وَهُوَ الْمُسْتَهْدَفُ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، كَمَا أنَّ لِلْآيَةِ فِي فِقْهِهَا الْبَاطِنِ رَسَائِلَ وَعُلُومَاً جَمَّةً ، فَتَنَبَّهْ تَرْشَدْ .

 


( من كتاب علم الحقائق البرزخية بين الحضرتين الموسوية والخضرية للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى