رقائق نورانية من سورة الاعلى – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

رَقَائِقُ نُورَانِيَّةٌ مِنْ سُورَةِ الأعلَى

قَـالَ حَبيبِي عَـزَّ وجَلَّ في لُغَـةِ القُـرآنِ :

بسم الله الرحمن الرحيم : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى {1} الأعلى ، سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ ، أيَّ اسمٍ ؟ أهُو المُتجلِّي في حَضرَةِ الأفعَالِ ، بِالتأكِيدِ ليسَ هُوَ المَقصُودُ . 

سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الأعلَى ، أيَّ أعلَى ؟ هُو أعلَى اسمٍ مُشرِفٍ عَليه ، هُو هَذا العِلْمُ لذَلكَ نَستَطيعُ أنْ نُسَمِّيَ العِلمَ الذِي نُطَارِحه الآنَ عِلْمُ الاسمِ المُتجـلِّي الأعلَى .

لَمْ يَقُلْ سَبِّحْ رَبَّك ، بَل سَبِّحِ اسمَ رَبِّك لأنَّك لاتَستَطيعُ أنْ تَدخُلَ على الذَّات الإلَهيَّة إلاَّ مِنْ خِلالِ اسمِها ، هَذه نَافِذتُك هَذا وَجهُك الخَاصُّ إليهِ ، فَتُنَزِّه الاسمَ ، وبِالتالي تَجِدُ نفسَكَ أنَّك نَزَّهتَ نفسَكَ عَنِ الدَّنَسِ الكَونِـيِّ فَتَصِلُ إلى الحَـقِّ .              

واحذَرْ أنْ تَظنَّ لِثَانيـةٍ وَاحـدَةٍ – وهَذا مُخـالِفٌ لِلعَقيدَة – أنَّك إذا نَزَّهتَ الاسمَ  أنَّك تُنَـزِّه أو تُخـلِّصُ اللهَ مِنَ الـدَّنسِ !! 

اللهُ سُبحانَه وتَعَالى قُـدُوسٌ في ذَاتِه وأصَالَته ، لاَ يُدَنَّسُ حتَّى تُنَقِّيَه وتُقَدِّسَه وتُنَظِّفَه ، فَهوَ مُقَـدَّسٌ في   ذَاتِـه .

ونَحـنُ عِندمَـا نَقولُ سُبحَـانَ اللهِ نُثبِتُ تَقَدُّسَه لِذَاتهِ ، وليسَ أنَّه طَـرَأَ عَليهِ شَيءٌ يَحتَـاجُ إلى تَنظِيفٍ ، وإنَّمَا هُوَ اعتِـرَافٌ مِنَ العَبـدِ بِطُهرِ الحَقيقَـةِ الإلَهيـَّـةِ .

فَلمَّا كانَ الاسمُ قَد يَطْـرَأ عليهِ التَّدْنِيسُ ؛ فَمثَلاً يَأتِي سَاحِرٌ ويَكتبُ الآيـاتِ القُرآنِيـَّــةَ بِدَمِ الحَيضِ مَثَلَاً – والعِيَاذُ بِاللهِ – هَذا تَدنِيسٌ لِلاسمِ ، فَنَزِّه الاسمَ ولاَ تَكتبْه بِهذهِ الحَقيقَـة .

سَبـِّحِ اسمَ رَبِّكَ ؛ أيْ نَزِّه هَـذا الاسمَ .

بُعدٌ آخَرُ في عِلمِ الاسمِ المُتجلِّي أنَّك إذَا عَلِمتَ أنَّ اللهَ مُتجلٍّ عَليكَ بِاسمٍ خَاصٍّ فَوَجَبَ عليكَ تَنزِيهُ هَذا الاسمِ ، هذَا يَعني كُلُّ فِعلٍ مَضبُوطٍ بِضَوابطِ الشَّريعَةِ الإسلَاميَّـة إنَّمَا هُو تَرسِيخٌ وتَحقيقٌ بِطُهرِ الاسمِ الـذِي يُمِـدُّكَ .

في آيَـةٍ أُخـرَى :

بسم الله الرحمن الرحيم : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى {1} الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى {2} ، لأنَّه يُوجَد اسمٌ هوَ الاسمُ الأعلَى الذِي خَلَقَ هَذا الكَائِنَ ، فَكلُّ شَخصٍ يَجِبُ أنْ يُسَبِّحَ الاسمَ الذِي خَلَقَه بِالذَّات ، فعِندَما تَقولُ سُبحَـانَ اللهِ ، ولأنَّ الأسماءَ مَطوِيَّةٌ بِلفظِ الجَلالَـةِ الله تَكونُ أنتَ قَد سَبَّحتَ اسمَكَ الـذَّاتيَّ .

ولَكنَّ الحَقيقَـةَ والأصلَ أنْ تُسبِّحَ الاسمَ المُشرِفَ عَليك بِالذَّاتِ ، أنْ تَعرِفَ اسمَكَ الذَّاتيَّ وتُسبِّحهُ ، تَعـرِفُ اسمَـكَ الأعـلَى كَكَـائِنِ وَجهِك الخَـاصِّ ، وتُسبِّحُ هَذا الوَجـهَ بِهَذا الوُجُودِ لأنَّه قَـالَ : سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ ، ولَمْ يَقُلْ سَبِّحِ اسمَ الرَّبِّ بِشكلٍ عَــامٍّ .

 


( من كتاب علم الاسم المتجلي الأعلى للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى