دليل شهودي – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

( دَلِيْلٌ شُهُودِيٌ )

 

مِنَ العَبْدِ الفَقِيْرِ إلَى رَبِّهِ تَعَالَى هَانِيْبَالْ يُوسُفْ حَرْبْ إلَى (………)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ

وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَبَعْدُ :

اعْلَمْ يَا وَلِيِّي فِي اللهِ تَعَالَى – سَلَّمَ اللهُ أنْفَاسَكَ وَرَعَاكَ بِكُلِّ خَيْرٍ – وَقَدْ سَألْتَنِي عَن دَلِيْلٍ مِنَ القُرْءَانِ الكَرِيْمِ فِيْ وَحْدَةِ الشُّهُودِ .. أنَّ أدِلَّةَ وَحْدَةِ الشُّهُودِ فِي القُرْءَانِ الكَرِيْمِ كَثِيْرَةٌ جِدَّاً تَكَادُ لَا تَخْلُو مِنْهَا صَفْحَةٌ مِن صَفَحَاتِ القُرْءَانِ الْكَرِيْمِ، وَلَعَلِّي أُفِيْدُكَ بِنُورٍ مِن أنوَارِ هَذَا القُرْءَانِ الكَرِيْمِ مِنْ أدِلَّةِ وَحْدَةِ الشُّهُودِ عِندَ أهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ ؛ حَيْثُ شَهِدَ أهْلُ الحَقِّ الوَحْدَةَ فِي الكَثْرَةِ وَالكَثْرَةَ فِي الوَحْدَةِ .

فَإنَّ مَنْ شَهِدَ وَحْدَةً بِلَا كَثْرَةٍ فَقَدْ تَزَنْدَقَ ، فَإنَّ اللهَ تَعَالَى وَإنْ كَانَ وَاحِدَاً فِي ذَاتِهِ إلَّا أنَّهُ كَثِيْرٌ بأسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ .

وَأمَّا مَنْ شَهِدَ الْكَثْرَةَ بِلَا وَحْدَةٍ فَقَدْ كَفَرَ لِنُكْرَانِهِ وَحْدَةَ ذَاتِ الْحَقِّ ، فَقَدْ قَالَ حَبِيْبِي عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } التَّكْوِيْر29‏ ، وَالشَّاهِدُ فِي الْآيَةِ

الْكَرِيْمَةِ هِيَ كَلِمَةُ فِعْلِ الْمَشِيْئَةِ ..

فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى : « تَشَاؤُونَ » جَمْعٌ لِكَثِيْرٍ مِمَّنْ يَشَاءُ .

وَفِي قَوْلِهِ : « يَشَاءَ اللَّهُ » إِفْرَادٌ لِلْحَقِّ الوَاحِدِ .

وَفِي الْآيَةِ بِشَكْلٍ عَامٍّ فَإنَّ الْمَشِيْئَةُ الْإلَهِيَّةُ وَاحِدَةٌ نَشْهَدُهَا مِنْ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ فِي عَيْنِ رُؤيَتِنَا لِمَشِيْئَةِ الْكَثِيْرِينَ .

وَبِالنَّتِيْجَةِ كُلُّ مَنْ يَشَاءُ ( وَ مَهْمَا كَثُرَتْ أَعْيَانُ مَنْ يَشَاؤُونَ ) إنَّمَا مَشِيْئَتُهُ مُتَنَزَّلَةٌ عَنِ المَشِيْئَةِ الوَاحِدَةِ الَّتِيْ هِيَ مَشِيْئَةُ  اللهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ كَمَا تَنُصُّ الآيَةُ الكَرِيْمَةِ ، وَفِي هَذَا وُضُوحٌ كَامِلٌ لِمَنْهَجِ وَحْدَةِ الشُّهُودِ ، حَيْثُ نَشْهَدُ المَشِيْئَاتِ الكَثِيْرَةَ مِنَ العِبَادِ دُونَ أنْ نُحْجَبَ عَن أَنَّهُمْ وَ عَلَى كَثْرَتِهِمْ لَا يَشَاؤُونَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِيْنَ .

وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ

 


( من كتاب‏‏ الكتب الخيرة للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى