خَاتِمَةُ رِسَالَةِ تَعْرِيْفِ الْوَعْيِ الرُّوحِيِّ – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

خَاتِمَةُ رِسَالَةِ تَعْرِيْفِ الْوَعْيِ الرُّوحِيِّ

يَا وَلِيِّيْ فِي رُوحِ اللهِ تَعَالَى : فِي خِتَامِ هَذِهِ الرِّسَالَةِ الَّتِي تَقَاسَمَتْ مَعْلُومَاتُهَا بَيْنَ عِلْمِ الرُّوحِ وَعِلْمِ الذَّكَاءِ فَأنْتَجَتْ عِلْمَاً بَرْزَخِيَّاً هُوَ عِلْمُ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ ، وَشَرَحْتُ مَظْهَرِيَّةَ هَذَا الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ وَكَيْفَ يَظْهَرُ مُجْمَلَاً بِصُورَةِ الْوَعْيِ ، كَان لَا بُدَّ لِي أنْ أُفَصِّلَ فِي مَظَاهِرِهِ حَسبَ الْخَصَائِصِ الرُّوحِيَّةِ فَمَا قَصَدْتُ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ أنْ أدَوِّنَ كُلَّ مَاهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَعْيِ الرُّوحِيِّ وَلَكِنْ كَانَ الْمَقْصَدُ أنْ أُعَرِّفَ بِهِ لِأضُمَّهُ إلَى سِلْسِلَةِ رَسَائِلِي الْعِلْمِيَّةِ الْمَعْرِفِيَّةِ فِي عُلُومِ الرُّوحِ وَخُصُوصَاً تِلْكَ الَّتِي تَتَكَلَّمُ عَنْ عِلْمِ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ ، وَهَاهُوَ الْمَقْصُودُ قَدْ حَصَلَ وَتَمَّ تَعْرِيْفُ الْوَعْيِ الرُّوحِيِّ بِصِيْغَةٍ إجْمَالِيَّةٍ بَسِيْطَةٍ ، فَإنَّ الْعَالَمَ الْيَوْمَ بِمَا هُوَ مُكْتَظٌّ بِهُمُومِهِ لَا يَسَعُ أكْثَرَ مِنْ هَذَا الْعُمْقِ الَّذِي تَكَلَّمْنَا بِهِ ، فَالْوَعْيُ الرُّوحِيُّ أعْمَق مِمَّا يُمْكِنُ أنْ تَسْتَوْعِبَهُ الْفُهُومِ الَّتِيْ وَصَلَ إلَيْهَا كَوْكَبُنَا الْيَوْمَ ، وَالذَّكَاءُ الرُّوحِيُّ أسْمَى بِكَثِيْرٍ مِمَّا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِالْأرْوَاحِ الْمُثْقَلَةِ الْمَحْجُوبَةِ الَّتِيْ ازْدَحَمَتْ فِي هَذَا الْكَوْكَبِ وَالَّتِيْ لَمْ يَعُدْ هَمُّهَا إلَّا اسْتِكْمَالُ عُبُودِيَّتِهَا  لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى وَدَفْعُ فَوَاتِيْرِ الْمَعِيْشَةِ الَّتِيْ صَارَتْ عِنْدَ أغْلَبِ أهْلِ الْأرْضِ الْيَوْمَ أهَمُّ بِكَثِيْرٍ مِنَ الْارْتِقَاءِ ، فِي حِيْن يَجِبُ عَلَى كُلِّ تِلْكَ الْأرْوَاحِ أنْ تَعِيْشَ ذَكَاءً رُوحِيَّاً خَاصَّاً تَعي بِهِ أنَّ ارْتِقَاءَهَا يُخَلِّصُهَا مِنْ هُمُومِ تِلْكَ الْفَوَاتِيْرِ وَأعْبَائِهَا وَيُحَرِّرُهَا مِنْ عُبُودِيَّتِهَا لِأيِّ مَخْلُوقٍ .

أُصَلِّي لِلْحَقِّ أنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَالَمَ أكْثَرَ ارْتِقَاءً وَذَكَاءً رُوحِيَّاً مِعْطَاءً لِيَتَحَرَّرَ مِنِ اسْتِعْبَادِ بَعْضِهِ بَعْضَاً .

أُصَلِّي لِلرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ أنْ يُخَفِّفَ هُمُومَ فَوَاتِيْرِ هَذَا الْعَالَمِ الْآنِيَّةِ بِرَفْعِ حُجُبِ الْارْتِقَاءِ عَنْ أرْوَاحِ كُلِّ الْأنْقِيَاءِ .. آمِيْن وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى صَاحِبِ الْوَعْيِ الرُّوحِيِّ الْأعْظَمِ وَالذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ الْأوَّلِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ رُوحِ الْحَيَاةِ الْوَهَّاجَةِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِيْنَ .

وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ .


( نقلاً عن كتاب علم الذكاء الروحي للمفكر الإسلامي الشيخ د. هانيبال يوسف حرب ) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى