تَوْضِيْحُ التَّمَايُزِ بَيْنَ أسْمَاءِ أنْوَاعِ الْوَعْيِ – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

تَوْضِيْحُ التَّمَايُزِ بَيْنَ أسْمَاءِ أنْوَاعِ الْوَعْيِ

يَا وَلِيِّيْ فِي اللهِ تَعَالَى لِتَوْضِيْحِ تَمَايُزِ هَذِهِ الْأسْمَاءِ عَنْ بَعْضِهَا الْبَعْضِ سَأبْسُطُ الْكَلَامَ فِي بَعْضِهَا بَسْطَاً لَطِيْفَاً وَلَكَ أنْ تَقِيْسَ عَلَى ذَلِكَ بَاقِي التَّمَايُزَاتِ ، فَالذَّكَاءُ الرُّوحيُّ الْعَقْلِيُّ فِي عَالَمِ الرُّوحِ هُوَ الَّذِيِ يَقُودُ الذَّكَاءَ الْعَقْلِيَّ فِي عَالَمِ الْعَقْلِ بما يُخَصِّصُ لَهُ مِنْ إدْرَاكَاتٍ فَعَّالَةٍ تَضْبِطُ الذَّكَاءَ الْعَقْلِيَّ فِي حَرَكَتِهِ فِيْ بُنْيَةِ الْوُجُودِ، فَالذَّكَاءُ الْعَقْلِيُّ إنَّمَا يَتَعَامَلُ مَعَ قَوَانِيْنَ نَاظِمَةٍ هِيَ دَسَاتِيْرُهُ الْحَتْمِيَّةُ الَّتِيْ يُدْرِكُ بِهَا كُلَّ شَيْئٍ مِثْلَ قَانُونِ التَّحْلِيْلِ وَقَانُونِ التَّرْجِيْحِ وَقَانُونِ التَّرْكِيْبِ ، فَإذَا سَألْنَا مَنْ وَضَعَ هَذِهِ الْقَوَانِيْنَ النَّاظِمَةَ لِلذَّكَاءِ الْعَقْلِيِّ ؟ لَوَجَدْنَا أنَّهَا مُخْرَجَاتُ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ الْعَقْلِيِّ حَيْثُ كَوَّنَ وَعْيَاً رُوحِيَّاً خَاصَّاً بِالْعَقْلِ يَضْبِطُ ذَكَاءَهُ الْعَقْلِيَّ بِهَذِهِ الْقَوَانِيْنِ الثَّلَاثَةِ .

وَبِالتَّالِيْ نَجِدُ أنَّ هَذِهِ الْقَوَانِيْنَ الثَّلَاثَةَ ( التَّحْلِيلُ وَالتَّرْكِيْبُ وَالتَّرْجِيحُ ) هِيَ أبْنَاءُ الْوَعْيِ الرُّوحِيِّ لِلْعَقْلِ الَّذِي شَكَّلَهُ الذَّكَاءُ الرُّوحِيُّ الْعَقْلِيُّ ، وَهِيَ هُنَا مُنْفَعِلَةٌ وَمُتَسَفِّلَةٌ تَحْتَ سَطْوَةِ حَاكِمِيَّةِ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ الْعَقْلِيِّ بِمَظْهَرِيَّةِ الْوَعْيِ الرُّوحِيِّ لِلْعَقْلِ  .

بَيْنَمَا نَفْسُ هَذِهِ الْقَوَانِيْنِ الثَّلَاثَةِ ( التَّحْلِيلُ وَالتَّرْكِيْبُ وَالتَّرْجِيحُ ) هِيَ آبَاءٌ فِي الْوَعْيِ الْعَقْلِيِّ النَّاتِجِ عَنِ الذَّكَاءِ الْعَقْلِيِّ ، فَهِيَ هُنَا فَاعِلَةٌ وَهِيَ مُسْتَعْلِيَةٌ عَلَى كُلِّ الْمُدْركَاتِ الْفَعَّالَةِ فِي الذَّكَاءِ الْعَقْلِيِّ بَمَظْهَرِيَّتِهِ الَّتِي هِيَ الْوعْيُ الْعَقلِيُّ .

فَفِيْ عَالَمِ الرُّوحِ هُنَاكَ إدْرَاكٌ فَعَّالٌ لِوُجُودِ التَّحْلِيلِ وَالتَّرْكِيْبِ وَالتَّرْجِيحِ وَمَاهِيَّةِ هَذِهِ الْحَقَائِقِ وَحَاكِمِيَّتِهَا بَيْنَما فِي عَالَمِ الْعَقْلِ تَظْهَرُ بِوَظَائِفِهَا وَفَاعِلِيَّتِهَا عَلَى كُلِّ مَنْ يَقَعُ تَحْتَ سَطْوَتِهَا .

وَلِهَذَا الْأمْرِ اعْتَبَرْتُ هَذِهِ الْقَوَانِيْنَ الثَّلَاثَةَ ( التَّحْلِيلُ وَالتَّرْكِيْبُ وَالتَّرْجِيحُ ) مِنَ الْبَرَامِجِ الرُّوحِيَّةِ الْعُلْيَا عِنْدَمَا وَضَعْتُ عِلْمَ الْبَرَامِجِ الرُّوحِيَّةِ الْعُلْيَا وَهُوَ عِلْمٌ فَرْعِيٌّ عَنْ عِلْمِ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ حَيْثُ يَدْرُسُ خُصُوصِيَّةَ الْبَرَامِجِ الرُّوحِيَّةِ الْعُلْيَا الْحَاكِمةِ لِكُلِّ مَاهُوَ دُونَ الْوَعْيِ الرَّوحِيِّ ، وَلَعَلَّ التَّحْلِيْلَ وَالتَّرْكِيبَ وَالتَّرْجِيْحَ هُمْ مِنْ أبْرَزِ مَايظْهَرُ مِنْ تِلْكَ الْبَرَامِجِ الرُّوحِيَّةِ الْعُلْيَا فِي حَاكِمِيَّةِ الذَّكَاءِ الْعَقْلِيِّ .

وَهَذَا الَّذِيْ قُلْنَاهُ إنَّمَا هُوَ فِي تَنَوُّعِ الْوَعْيِ الرُّوحِيِّ وَتَنَوُّعِ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ .

أمَّا مَظَاهِرُ الْوَعْيِ الرُّوحِيِّ وَ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ الْمُشَكِّلِ لِهَذَا الْوَعْيِ فَإنَّمَا تَتَمثَّلُ فِي ظُهُورِ هَذَا الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ فِي خَصَائِصَ رُوحِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ .

وَهَذَا يَدْفَعُنَا إلَى حَقِيْقَةٍ وُجُودِيَّةٍ اسْمُهَا خَصَائِصُ الرُّوحِ .


( نقلاً عن كتاب علم الذكاء الروحي للمفكر الإسلامي الشيخ د. هانيبال يوسف حرب ) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى