تعريف علم الإنتربولوجيا – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

تَعريفُ علم الإنتربُولوجيَا

عِلمٌ يَبحثُ في أصلِ الأجنَاسِ والأعرَاقِ البَشريَّةِ ، وفي تَطوُّرِ العاداتِ والمُعتقدَاتِ مِنذُ أقدمِ العصورِ حتَّى الآنَ . انظر ص67 المعجم المدرسي لَفظه أجنبيٌّ مُعرَّبٌ غيَّرَه العربُ لِيكونَ على مِنهاجِ كلامِهم .

شَرَفُه : وهذَا العِلمُ هوَ في ذاتِه عِلمٌ شريفٌ مِن علومِ القرآنِ الكريمِ ، لأنَّه مُتعلِّقٌ بتطورِ العاداتِ والمُعتقدَاتِ ، وكمَا هوَ مَعروفٌ في الإسلامِ عَقِيدتُنا ثابتةٌ لا تَتغيَّرُ ، إلَّا أنَّ هذِه العقيدةَ السَّماويَّةَ إنَّمَا هيَ خُلاصةُ رِحلةٍ مِنَ التَّطوُّرِ العَقائِديِّ لِلديَاناتِ السَّماوِيَّةِ ، والواجبُ في هذَا العِلمِ أنْ يَنتبِهَ المؤمنُ البَاحثُ أنَّ عَقيدةَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ عَقيدةٌ ثابتةٌ قد أَكمَلتْ وأَتمَّت تَطورَها الخَاصَّ بها حتى وَصلَتِ الذُّروةَ ، وهيَ الآنَ مِن ثوابتِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ التِي لا تَقبَلُ أيَّ تَجديدٍ أو تَطويرٍ ، وإنَّمَا هيَ الرُّكنُ الثابتُ في شَرعِنَا ، وإنَّمَا التَّجديدُ والتطوِيرُ في هذِه الشَّريعةِ فقط في مُتغيِّراتِ هذَا العَصرِ .

مَوضوعُه : عِلمُ تطوُّرِ المُعتَقَدِ في القرآنِ الكريمِ ، هوَ إطلاعُ المسلمِ الذِي يَتفقَّه القرآنَ على مَراحلِ تطوُّرِ هذِه العَقيدةِ مَعَ مُسايَرتِها لِلأجناسِ والأعرَاقِ البشريةِ ، فَالقرآنُ الكريمُ يَضعُك أمَامَ مَراحِلِ تَطوُّرِ العقيدةِ الإسلامِيَّةِ عبرَ الزَّمنِ حتَّى وَصَلت إلى هذَا الوَضعِ النِهائيِّ الكامِلِ ، والذِي لِشدَّةِ كمَالِه ثَبَتَ على ذُروَةِ القِمَّةِ .

وليَنتَبِه مَنْ يَتناولُ هذَا العِلمَ الرَّاقيَّ أنَّ التَّطوُّرَ هنَا ليسَ في مَضمُونِ و ذاتِ العَقيدةِ السَّماوِيَّةِ ، وإنَّمَا هوَ في تَلقِينها لِبني البشرِ على اختلافِ الأجناسِ والأعرَاقِ ، فَسُنَّةُ اللهِ تعَالى في الدِّيَاناتِ السَّماوِيَّةِ أنْ يُعطيَ كُلَّ بَشرِيٍّ مَا يُناسِبُ استِعدَادَه الشَّخصيَّ .

مَسائِلُه : كُلُّ عَقائِدِ القرآنِ الكريمِ إجمَالاً وتَفصِيلاً .

تَفصِيلاً في عَقيدةِ كُلِّ نَبيٍّ وَرَسولٍ ذَكرَه القرآنُ الكريمُ ، وإجمَالاً في جَمعِ القرآنِ الكريمِ لِهذِه العَقائِدِ وإبرَازِها في عَقيدةٍ إسلاميَّةٍ مُهذَّبةٍ كَاملةٍ تَامَّةٍ ثابتةٍ ، لا يَشُوبُها غَلَطٌ ولا يَعترِيها نَقصٌ ، ولا يَتطَرَّقُها الفسادُ ولا تَدخُلها الشُّبَهُ ، ولا يُبطِلُها زَيفٌ .

استِمدَادُهُ : مِنَ القرآنِ والسُّنَّةِ الشَّريفَةِ .

فَضلُهُ : فَضلُهُ عظيمٌ يَرقى بِمَن حَازَه ، ويَسمُو به في عَالَمِ العقيدةِ الإسلاميَّةِ ، ممَّا يُرسِّخُ الإيمانَ والإحسانَ ، ويَمنَحُ حَائِزَه صُورةً مُتكاملةً عَنْ حَقيقةِ عَقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ .

ثَمرَتُه : ثَمَراتُ هذَا العلمِ كَثيرةٌ أهمُّها : أنَّها تُنبِّه المسلمَ على حَقيقةِ عقيدَتِه النَّقِيَّةِ الكاملةِ ، ويَزرعُ بِذاتِه المسلمَةِ اليَقينَ التَّامَ بِهذِه العقيدةِ . ومنها كَشفُ خفايَا العَقيدةِ التِي رُبَّما لا يَتنبهُ إليها الكَثيرُون مِنَ النَّاسِ ، وبالتالي تَزولُ بهذَا العِلمِ كَثيرٌ مِنَ الإشكالاتِ والتَّوَهمَاتِ التِي قد يَنحرِفُ بها العَقلُ المَوهومُ لِعدمِ إدرَاكِه لِجُزئِيَّاتِ العقيدةِ .

وَمِنها تَعرُّفُ المرءِ المسلمِ على جُزَيئَاتِ عَقيدتِه الصَّحيحةِ ، والتِي هيَ خُلاصةُ الرِّسالَاتِ .

ومِنها كَشفُ المَنهجِ القرآنِيِّ في تَلقِينِ العَقيدةِ فَمِنَ العلماءِ مَنْ يُلَقِّنُ العقيدةَ كَلماتٍ يَزرَعُها في القلبِ وَيمضِي إلى العلومِ التشرِيعِيَّةِ الأُخرَى ، والمَنهجُ القرآنيُّ ضِمنَ الإنتربُولوجيَا يُؤكدُ أنَّ العقيدَةَ الثابتةَ تُزرَعُ مُتدرِّجةً في ذاتِ المسلمِ ؛ لِتترَكَّبَ على هَيئةٍ صَحيحةٍ ولِتُحصِّنَ أركانَها فلَا يَدخلُها ضَعفٌ مِن أيِّ وِجهَةٍ ، وهذَا المنهجُ وَاضِحٌ في كُلِّ آيَةٍ قرآنيَّةٍ ، ويُمكنُكَ أنْ تُراقبَ إسرَاءَ القارِئِ مِنَ الكونِ إلى المُكونِ عَزَّ وجَلَّ ، وعُروجَكَ مِن مَعنًى إلى أرَقى وهُبوطَكَ مِنْ مُجمَلٍ إلى مُفصَّلٍ ، وتَوَحُدَك مِنْ فَرقٍ إلى جَمعٍ .. الخ .                           

 ومِنها أنَّ مَنْ فَهِمَ الأنتَربُولوجيَة القرآنِيَّةَ بِصدقٍ يَدعمُ بالقرآنِ كُلَّ تَفاسِيرهِ ، حيثُ يُصبحُ القرآنُ في حَقِّه تَفسِيراً يُفَسِّرُ بِه ذَاتَه القرآنيَّة ، وَيُفسِّرُ القرآنَ بالقرآنِ بِطلاقةٍ وإتقانٍ مُدهِشين ، وهذَا حَدُّ الكمالِ الأنتربُولوجِي .

حُكمُه : فَرضُ كِفايةٍ .

وَاضِعُه : لا أعلَمُ له وَاضِعاً وَاضحاً قَبلي بِهذِه الصِّفةِ التدوِينِيَّةِ كَعِلمٍ مَخصُوصٍ مُستَقِلٍّ ، وإنْ كانَ مِن علماءِ الإسلامِ مَن تَحدَّثَ ببعضِ جَوانبِهِ فَهوَ حتَّى هذَا الوضعِ التألِيفِ لا يَتَعدَّى كَونَه مَنثُوراتٍ في كتبِ العلماءِ ، والله أعلمُ . ولَكنَّ هذَا أوَّلَ تَدوينٍ مُنظَّمٍ فيه . والحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ .

 


( من كتاب علم الإنتربُولوجيَا للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى