قَوْلُ البَاحِثِ
بأيّ شيءٍ حَازُوا العَسَاكِر
لمّا كانت الثّاء في علوم أهل الكشف وَسْمُ انتهاءٍ ، عَمَدَ المُجَدّدِيّ إلى البَوْح بخُلَاصة ما تقدّم و أخذ فعل ” بَاَحَ “ فألصقه بالوَسْم ” ثاء “ فكانت اللفظة ” باحث “ فباح البَاحِث و قال مِنْ وِحْدَة الرسم ، في أجساد و أرواح الاسم ، من فيض روح الوَسْم :
ذَوْقُ الأكْبَريّ اثنا عشَر ، و ذَوْقُ المُجَدّدِيّ تسعةُ عشَر ، فزاد بسبعةٍ عدد الدَرَاري ، فالاثنا عشَر البِرْجِيّة تصبّ في السبعة الدُرِّيّة ، و منها إلى الانتهاء عند العَيْن الأرضيّة ، و بين الأذْوَاق تمام و تكامل مجموعها (31) واحدٌ و ثلاثون ، و هي الأَلِف و الّلام ، فهذا عَيْن ” ال “ التّعريف ، و به اكتمل التّعريف في حِيَازَة هذا التّصريف ، و المُلاحَظ أنّ مدار التّكييف في بسط هذا التّعريف ينحصرُ بالأساس الاسم ، لا بعَيْن شخوص العَسَاكِر ، فهذا الأخير ممنوع على الأولياء تدوينه .
و المُلاحَظ أيضاً و هذه قاعدةٌ يثبتها المُجَدّدِيّ كالأكْبَريّ ، أنّ الأذْوَاق المُبَاحَة المذكورة في الوارد أذْوَاقٌ عامّةٌ لكلّ حائزٍ ، أمّا الخاصّة فلا يُبحَث فيها ، فهي مَحْض أسرار عَبْديّة في حَضْرة إنسانيّة متلقية مِنَ الحَضْرة الحَقِّيّة المُلقية إلى الحَضْرة الخَلْقِيّة ، و كَوْن الأذْوَاق العامّة تؤكد أنّ الاستعداد عنصرٌ هامٌ في الحِيَازة ، فقد عاد الأمر إلى خامة الولي نفسه ، تلك الخامة التي هي محض وهب مِنَ الوهّاب ، و هذا يعني أنّ المُجَدّدِيّة تعود لفتح باب الولاية مِنْ طريق المدرسة العِرفانيّة المُجَدّدِيّة الجَامِعة للمدارس السابقة لها ، فالمُجَدّدِيّ اليوم لا يَنْظُرُ إلى أنّ عِرفَان الأكْبَريّ قدّس الله سرّه هو سقف العِرفَان ، بلْ ينظر إلى أنّه القاعدة المُفَصَّلَة عن القاعدة التِرمِذيّة المُجْمَلَة التي يقف عليها المُجَدّدِيّ ليدخل باب التطوير الفِكْري فالعِرفَاني ، و بهذا التقرير بعد التحضير ، تحضير الاستعدادات لتلقي الإمدادات ، تفتح المُجَدّدِيّة باب الولاية العِرفَانيّة بعد أنْ وقف حُجَّابُه على إغلاق بابه عند الأكْبَريّ ابْن عربيّ قدّس الله سرّه ، و هذا بابُ خَيْرٍ فُتِحَ على العالَم مِنْ جديد بعد أنْ أذِنَ الله تعالى بإغلاقه منذ خَتْم الولاية الخاصّة ، ليُفْتَحَ على يديّ المُجَدّدِيّة و بإذن الله تعالى لاستقباله خَتْم الولاية العامّة ، و لنا في ذلك أذْوَاقُ عِرفَانٍ نكشفها في السؤال الثالث عشر إنْ شاء الله تعالى ، اهـ .