الْخَطَأُ الأكْبَرُ – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

الْخَطَأُ الأكْبَرُ

أنْ تَدْرُسَ الذَّكَاءَ الرُّوحِيَّ فِي عِلْمِ النَّفْسِ وَقَوَاعِدِهِ بَلْ يَجِبُ دِرَاسَتُهُ فِي عِلْمِ الرُّوحِ وَقَوَاعِدِهَا فَهُوَ ذَكَاءُ رُوحِهَا .

الذَّكَاءُ الرُّوحِيُّ لَهُ وَجْهٌ فَاعِلٌ وَانْفِعَالِيٌّ وَبِذَا نُسَمِّيْهِ الذَّكَاءَ الرُّوحِيَّ الفَاعِلَ  وَالذَّكَاءَ الرُّوحِيَّ الانْفِعَالِيَّ فَإنَّ الْمُمَارَسَةَ الرُّوحِيَّةَ practice spiritual تَتَضَمَّنُ تَطوِيْرَ الحَسَاسِيَّةِ الانْفِعَالِيَّةِ لَدَى الأفْرَادِ وَعَلَاقَاتِهِمْ بِالآخَرِيْن وَالْعَكْسُ صَحِيْحٌ ، إذْ أنَّ تَوجِيْهَ الانْتِبَاهِ إلَى الأفْكَارِ وَالْمَشَاعِرِ وَالتَّعَاطُفِ ( الذَّكَاءِ الانْفِعَالِيِّ ) يَزيْدُ مِنْ وَعْيِنَا بِحَيَاتِنَا الرُّوحِيَّةِ ، وِبِهَذَا يُسَاعِدُ الذَّكَاءُ الرُّوحِيُّ عَلَى اكْتِشَافِ الْمَنَابِعِ الْخَفِيَّةِ لِلْحُبِّ وَالْبَهْجَةِ وَسْطَ ضُغُوطِ وَاضْطِرَابِ الْحَيَاةِ الْيَومِيَّةِ .

كُلُّ عُلُومِ النَّفْسِ تَدرُسُ النَّفْسَ الإنْسَانِيَّةَ وَتُحَدِّدُ فِيْهَا مَوَاضِيْعَ عِلْمِ النَّفْسِ وَمَسِائِلَهُ ، وَكُلُّ هَذِهِ الْمَوَاضِيْعِ وَالْمَسَائِلِ إنَّمَا هِيَ مُقَادَةٌ بِعِلْمِ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ ، فَالذَّكَاءُ الرُّوحِيُّ مِنْ مُفْرَزَاتِ وَنَتَائِجِ الرُّوحِ فِي كَيْنُونَتِهَا وَعَلَاقَاتِهَا وَاسْتِمْدَادِهَا وَإمْدَادِهَا .

فَعَمَلِيَّاتُ التَّحْلِيْلِ وَالتَّرْكِيْبِ وَالتَّرْجِيْحِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا عُلَمَاءُ النَّفْسِ وَإنْ كَانَتْ حَرَكَةَ عَقْلٍ وَأدِلَّةٍ عَقْلِيَّةٍ إلَّا أنَّهَا تَبْقَى نَاتِجَاً مِنْ نَتَائِجِ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ لَدَيْهِمْ ، وَيَجِبُ عَلَى الْكُلِّ الانْتِبَاهُ أنَّ كُلَّ دِرَاسَةٍ لِلذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ تَصُبُّ فِي عُلُومِ النَّفْسِ وَلَا َتقُومُ عَلَى قَوَانِيِنِ الرُّوحِ وَمَعَارِفِهَا إنَّمَا هِيَ دِرَاسَةٌ نَفْسِيَّةٌ لِلذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ وَلَيْسَتْ دِرَاسَةً حَقِيْقِيَّةً لِلذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ ، فَإنَّ الذَّكَاءَ مَادَامَ هُوَ تَوَهُّجُ الرُّوحِ عَلَى مَا وَصَلَتْ إلَيْهِ فِيْ ذَاتِهَا فَإنَّ الدِّرَاسَةَ التَّحْقِيْقِيَّةَ لِهَذَا الذَّكَاءِ لَا يُمْكِنُ أنْ تَكونَ إلَّا بِمُرَاعَاةِ قَوَانِيْنِ وَقَوَاعِدِ وَمَعَارِفِ الرُّوحِ ، وَهَذِهِ الْقَوانِيْنُ وَالْقَوَاعِدُ وِالْمَعَارِفُ إنَّمَا هِيَ مِنْ مَسَائِلِ وَمَوَاضِيْعِ عِلْمِ الرُّوحِ وَالْمَعْنِيُّونَ بِهَا هُمْ عُلَمَاءُ الرُّوحِ وَلَيْسَ عُلَمَاءَ النَّفْسِ، وَإنَّمَا أقُولُ ذَلِكَ لِلأمَانَةِ الْعِلْمِيَّةِ وَلِإزَاحَةِ حُجُبِ التَّلْبِيْسِ عَنْ أعْيُنِ الدَّارِسِيْنَ الَّذِيْنَ تَلبَّسَ عَلَيْهِمُ الأمْرُ فَقَيَّمُوا الذَّكَاءَ الرُّوحِيَّ بِقَوَاعِدِ وَنُصُوصِ وَنَظَرِيَّاتِ عِلْمِ النَّفْسِ ، وَعَلَيْهِ نَجِدُ أنَّ الذَّكَاءَ الرُّوحِيَّ إنَّمَا هُوَ فِيْ حَضْرَةٍ عِلْمِيَّةٍ رُوحِيَّةٍ عَالِيَةٍ وَلَكِنْ يُمْكِنُ دِرَاسَةُ ظُهُورٍ خَاصٍّ مِنْ عَوَالِمِ ظُهُورِهَا وَهُوَ الْعَالَمُ النَّفْسِيُّ وَبِالتَّالِيْ زَادَتْ أعْبَاءُ الْمَسْؤولِيَّةِ عَلَى عُلَمَاءِ النَّفْسِ فِي دِرَاسَتِهِمْ فَهُنَا يَجِبُ عَلَيْهِم عِنْدَ الدَّرَاسَةِ الْجَمْعُ بَيْنَ عِلْمِ الرُّوحِ وَعِلْمِ النَّفْسِ ، لِيَسْتَطِيْعُوا أنْ يُحَدِّدُوا بِدِقَّةٍ الْمَظْهَرَ النَّفْسِيَّ لِلذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ وَالَّذِيْ يُمْكِنُ أنْ نُطْلِقَ عَلَيْهِ تَجَاوُزَاً اسْمَ الذَّكَاءِ النَّفْسِيِّ فِيْ حِيْن أُطْلِقُ عَلَيْهِ عِنْدَمَا أُدَرِّسُهُ لِلْبَاحِثِيْنَ اسمَ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ بِمَظْهَرِهِ النَّفْسِيِّ .

وَأُذكِّرُ هُنَا أنَّ كُلَّ مَنْ دَرَسَ عِلْمَ الرُّوحِ بِمَشَارِبِهِ الْحَقِيْقِيَّةِ عَلَى يَدِ أهْلِ الرُّوحِ وَعُلَمَاءِ الرُّوحِ فَقَدْ تَحَدَّدَتْ عِنْدَهُ حَقَائِقُ الْعِلْمِ النَّفْسِيِّ  بِمَا لَا يَخْرُجُ عَنْ عُلُومِ الرُّوحِ ، فَكُلُّ مَنْ عَلِمَ عُلُومَ الرُّوحِ عَلِمَ النَّفْسَ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ عَلِمَ النَّفْسَ عَلِمَ بالرُّوحِ وَعُلُومِ الرُّوحِ .


( نقلاً عن كتاب علم الذكاء الروحي للمفكر الإسلامي الشيخ د. هانيبال يوسف حرب ) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى