النُّبُوَّةُ لَا تُنَاقِضُ الْحَقِيْقَةَ الْإنْسَانِيَّةَ
وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي السُّلُوكِ وَالصُّحْبَةِ الْخَضِرِيَّةِ الْمُوسَوِيَّةِ لَيْسَتْ فَقطْ فِي عَدَدِ الْمَوَاقِفِ وَلَكِنْ أيْضَاً لِإظْهَارِ حَقِيْقَةِ الْوَاقِعِ الْحَيَاتِيِّ ، فَأنْ يَكُونَ نَبِيَّاً لَا يَتَنَاقَضُ مَعَ أنْ يَكُونَ إنْسَانَاً ، وَمُمَارَستُهُ لِإنْسَانِيَّتِهِ بِحَقَائِقِهَا مِنْ إلْحَاحٍ وَصَبْرٍ أو عَدَمِ صَبْرٍ أمْرٌ طَبِيْعِيٌّ عِنْدَ الْبَشَرِ ، وَبِالنِّهَايَةِ لَمْ يَحْدُثْ إلَّا مَا هُوَ حَقِيْقَةٌ فِي وَاقِعِهِمَا :
فَأحَدُهُمَا لَحُوحٌ لَمْ يَصْبِرْ وَلَمْ يَسْطِعْ أوْ يَسْتَطِعِ الصَّبْرَ ( فَالصِّيْغَةُ الصَّرْفِيَّةُ لـِ ( اسْتَطَاعَ ) فِيْهَا تَفْعِيْلٌ ذَاتِيٌّ وَقَصْدٌ مِنَ الشَّخْصِ لِلتَّفْعِيْلِ، بَيْنَمَا فِي ( تَسْطِعْ ) مِنْ حَيْثُ عِلْمِ الاسْتِطَاعَةِ فَهيَ بِلَا تَفْعِيْلٍ مِنْ تَحْصِيْلِ الْأمْرِ بَلْ يَتَأتَّى الْأمْرُ بِتِلْقَائِيَّةٍ وَهِيَ مِنَ السُّطُوعِ ) فَلِمْ تَنْقَدِحْ فِي ذَاتِ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أنْوَارٌ خَاصَّةٌ بِالسُّلُوكِ مِثْلَ :
– نُورِ الصَّبْرِ .
– نُورِ الْإشْرَاقِ الكَشْفِيِّ الْخَاصِّ بِكَشْفِ الْعُلُومِ وَالْمَعْلُومَاتِ الْخَفِيَّةِ .
– وَلَمْ يَتِمَّ سُطُوعُ نُورِ الْكَشْفِ الْخَاصِّ بِحَوَادِثِ الْمُسْتَقْبَلِ .
وَالآخَرُ مُعَلِّمٌ لِلصَّبْرِ حَلِيْمٌ عَلَيهمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهُوَ رَمْزُ فَلَكِ الْوِلَايَةِ فِي السُّورَةِ وَقَدْ أشْرَقَتْ فِي ذَاتِهِ أنْوَارٌ كَثِيْرَةٌ ، أدْرَكَ بِالْخَبَرِ وَهُوَ تْلْكَ الْمَعَاني التَّأوِيْلِيَّةِ الَّتِي تَحْمِلُ مُبَرِّرَاتِ أفْعَالِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَكَانَتِ الأحْدَاثُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ مَعْلُومَةً مُسْبَقَاً وَدَلِيْلُ ذَلِكَ فِي السُّورَةِ قَولُهُ تَعَالَى : بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ { فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا .. {71} سُورَةُ الْكَهْفِ .
فَكَانَتِ السَّفِيْنَةُ مَعْلُومَةً مُسْبَقَاً لِلْخَضِرِ بِكَشْفِهِ التَّأوِيْلِيِّ فَهِيَ ( السَّفِيْنَةُ ) الَّتِي أمَرَهُ الْحَقُّ بِخَرْقِهَا وَهِيَ مُتَعَيِّنَةٌ لَهُ فِي كَشْفِهِ التَّأوِيْلِيِّ مُسْبَقَاً قَبْلَ صُعُودِهِمَا إلَيْهَا ، فَالْألِفُ وَاللَّامُ هُنَا لِلتَّعرِيْفِ وَلَيْسَ لِلتَّنْكِيْرِ .
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ” رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى لَو صَبَرَ لَرَأى مِنْ صَاحِبِهِ الْعَجَبَ “ صَحِيْحُ الْجَامِع وَصَحِيْحُ سُنَنِ أبِي دَاوودَ .
( من كتاب علم الحقائق البرزخية بين الحضرتين الموسوية والخضرية للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ) .
أقرأ التالي
28 مايو، 2020
قاعدة هامة للعاشقين – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
16 يونيو، 2020
تلميذ الشمس – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
5 يونيو، 2020
عتبة الانطلاق – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
زر الذهاب إلى الأعلى