العَبْدُ أُحَـادِيُّ الوَجْـهِ
بسم الله الرحمن الرحيم { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا {54} وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا {55} سورة مريم .
كانَ عندَ رَبِّـه مَرضِيَّاً؛ أيْ كانَ عندَ الذَّاتِ الإلَهيَّـة مَرضِيَّاً ، لأنَّ كُلَّ الأوصَافِ إنَّمَا هِيَ أوصَافٌ واحِدَةٌ في أحَدِيَّـةٍ وَاحدَةٍ ، ولكنْ مِنَ الحِكمَـةِ في الظَّــاهرِ أنْ تُعَامَلَ الخُصُوصيَّاتُ المَخلُوقيَّـةُ على إفرَادِهـا .
ليسَ كُلُّ إنسَانٍ يستطيعُ أنْ يَحضُرَ مَعَ اللهِ سُبحَانَه وتَعَالى بِأحَدِيَّـةٍ كَـامِلةٍ ، هُناك مِنَ الأولِياءِ مَنْ يَشهدُ اللهَ بِأحَدِيَّته مَرَّةً صَباحاً ومرَّةً مَساءً ، أو خَمسَ مَرَّاتٍ في اليومِ ، وآخَرونَ في الأسبُوع مَرَّةً ، أو في العُمرِ مَرَّةً ، ومِنهُم إذا غَابَت عَنهم الأحَدِيَّـةُ الذَّاتيَّـة يَتَألَّمونَ كَمَا يَتألَّمُ أهـلُ النَّار في النَّـار . لماذا ؟؟؟
لا يُكَلِّف اللهُ نَفساً إلاَّ وُسْعَها مِنَ التَّجلِّي ، لايَتَجلَّى عَليها إلاَّ بِوِسعِهـا الخَاصِّ ، وبِالتَّالي كـانَ مِنْ رَحمَة اللهِ وحِكمَتـه أنْ يُخَصِّصَ لِهذَا العبدِ رِضَاً بِاسمٍ مُعينٍ .
أنتَ لا تستطيعُ أنْ تَكونَ رَاضٍ اسمَ اللهِ العَفوِ، وفي نَفسِ الحَالةِ على نَفسِ القَضيَّةِ أنْ تَكونَ رَاضٍ اسمَ اللهِ المُنتقِمِ ، أنتَ تُريدُ أنْ تَعفُوَ عَنه لأنَّه أخطَأَ مَعكَ أو تَنتقِمَ مِنه ، إمَّا أنْ تَنتقِمَ أو أنْ تَعفُوَ ، فإِذا مَارَستَ تَجَلِّياتِ العَفوِ فَأنتَ تُرضِي العَفوَ ، وإذا مَارَستَ تَجلِّياتِ الانتِقامِ فَأنتَ تُرضِي المُنتقِمَ ، أمَّا في نَفسِ القَضيَّة تُرضِي هذَا وَهذَا في نَفسِ الوَقتِ لايَصِحُ ؛ لأنَّ العبدَ أُحَــادِيُّ الوَجــهِ مُقيَّدٌ، بَينَمَا الحَقُّ سُبحَانَــه وتَعَالى هُوَ المُطلَقُ .
( من كتاب علم الاسم المتجلي الأعلى للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ) .