الذَّكَاءُ الرُّوحِيُّ الْارْتِقَائِيُّ وَ الذَّكَاءُ الرُّوحِيُّ التَّسَفُّلِيُّ
بِبَسَاطَةِ الْكَلِمَاتِ أقُولُ : قَانُونُ الْاسْتِغْرَاقِ يَسْتَغْرِقُ الْكُلَّ فَيُعْطِي فِيْمَا دُونَ التَّوَهُّجِ الْحَيَاتِيِّ لِلرُّوحِ ذَكَاءً رُوحِيَّاً مُتَفَوِّقَاً دَقِيْقَاً ذِا فَاعِلِيَّةٍ وَإدْرَاكٍ عَالٍ ارْتِقَائِيٍّ ، بَيْنَمَا عَجْزُهُ عَنْ إدْرَاكِ مَاهُوَ فَوْقَهُ يُوقِعَهُ فِي وَعْيٍ مَوْهُومٍ لِقُصُورِهِ عَنِ الْإحَاطَةِ بِكُلِّ رَقَائِقِ الْهُوِّيَّةِ .
وَعَنْ هَذَا الْقَانُونِ فِي الْاسْتِغْرَاقِ وَاسْتِحْكَامِهِ لِمَنْ دُونَهُ وَفَشَلِهِ فِي وُصُولَاتِهِ لِإدْرَاكِ مَنْ هُوَ أعْلَى مِنْهُ نَشَأتْ وُجُودَاتُ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ الْمُتَسَفِّلِ ؛ تِلْكَ الْوُجُودَاتُ الَّتِيْ تَمَيَّزَ بِهَا الذَّكَاءُ الرُّوحِيُّ بِصُوَرِهِ الْوَاهِمَةِ الَّتِيْ أنْتَجَتِ الذَّكَاءَ الرُّوحِيَّ الشَّيْطَانِيَّ وَالذَّكَاءَ الرُّوحِيَّ الضَّارَّ وَالذَّكَاءَ الرُّوحِيَّ النَّاظِمَ لِحَرَكَةِ الشُّرُورِ فِي الْعَالَمِ .
نَعَمْ .. مِنْ هُنَا نَشَأَ الْوَعْيُ السَّلْبِيُّ .
نَعَمْ .. مِنْ هُنَا نَشَأَتِ الْعَقَائِدُ الْفَاسِدَةُ .
نَعَمْ .. مِنْ هُنَا نَشَأَتِ الْقِيَمُ اللَّاأخْلَاقِيَّةُ .
وَبَاتَتِ الْقِيَمُ اللَّاأخْلَاقِيَّةُ وَالْعَقَائِدُ الْفَاسِدَةُ وَالْوَعْيُ الْفَاسِدُ وُجُودَاتٍ تُمَارَسُ عَلَى الْوَاقِعِ وَتَعْمَلُ عَلَى مُحَاكَاةِ الْحَقِيْقَةِ الصِّرْفَةِ الَّتِيْ لَاُيمْكِنُ أنْ تَكُونَ إلَّا وَعْيَاً إيْجَابِيَّاً صَالِحَاً وَقِيَمَاً أخْلَاقِيَّةً عَالِيَةً وَاعْتِقَادَاتٍ صَحِيْحَةً سَلِيْمَةً .
مِنْ هَذِهِ الْمُحَاكَاةِ فِي الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ وَمِنْ هَذِهِ الصِّرَاعَاتِ تَحْتَ قُبَّةَ الْوَعْيِ انْقَسَمَ الْوُجُودُ الْوَاعِي إلَى عَالَمٍ عُلْوِيٍّ وَعَالَمٍ سُفْلِيٍّ .
عَالَمٍ عُلْوِيٍّ مَحْمُودٍ مَمْدُوحٍ خَالِدٍ سَعِيْدٍ نُورِيٍّ .. وَعَالَمٍ سُفْلِيٍّ مَجْحُودٍ مَذْمُومٍ فَانٍ بَائِسٍ ظُلْمَانِيٍّ .
فَمَنْ عَرَفَ هَذِهِ الْحَقَائِقَ انْحَاشَ إلَى عَالَمِهِ الْعُلْوِيِّ وَانْتَظَمَ فِي سِلْكِ ذَكَائِهِ الرُّوحِيِّ الْمُتَوَسِّعِ ارْتِقَاءً .
وَمَن حُجِبَ بِذَكَائِهِ الرُّوحِيِّ عَنْ حَقِيْقَةِ قَانُونِ الْاسْتِغْرَاقِ هُنَا انْحَاشَ إلَى عَالَمِهِ السُّفْلِيِّ وَانْتَظَمَ فِي سِلْكِ ذَكَائِهِ الرُّوحِيِّ الْمُتَوَسِّعِ تَسَفُّلَاً .
رُبَّمَا يَقُولُ الْقَارِئُ لِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ أنَّهُ يُفَضِّلُ الذَّكَاءَ الرُّوحِيَّ الْمُتَوَسِّعَ ارْتِقَاءً وَهَذَا صَحِيْحٌ يُشْكَرُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ يَقُولُ أنَّ هُنَاكَ مَنْ لَا يَرَى هَذَا التَّوَجُّهَ بِذَكَائِهِ الرُّوحِيِّ الْمُتَوَسِّعِ تَسَفُّلَاً .
فَإنَّهُ كَمَا الْوُجُودُ الْوَاقِعِيُّ لِلْمَلَائِكَةِ هُنَاكَ الْوُجُودُ الْوَاقِعِيُّ لِلشَّيَاطِيْنِ .
وَرَغْمَ أنَّ الْمَبْتُوتَ فِي عَالَمِ الْحَقَائِقِ أنَّ التَّفَوُّقَ لِلْوُجُودِ الْوَاقِعِيِّ الْمَلَائِكِيِّ إلَّا أنَّ الْوُجُودَ الْوَاقِعِيَّ الشَّيْطَانِيَّ لَا يَكُفُّ عَنِ انْحِجَابِهِ بِذَكَائِهِ الرُّوحِيِّ الْمُتَوَسِّعِ تَسَفُّلَاً رَغْمَ وَعْيِهِ لِعَجْزِهِ أمَامَ وُجُودِ الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ الْمُتَوَسِّعِ ارْتِقَاءً .
وَمَا ذَلِكَ الْاسْتِمْرَارُ بِالتَّسَفُّلِ إلَّا لِقَانُونِ الْاسْتِغْرَاقِ فِي الذَّكَاءِ الرُّوحِيِّ .
( نقلاً عن كتاب علم الذكاء الروحي للمفكر الإسلامي الشيخ د. هانيبال يوسف حرب ) .
أقرأ التالي
3 أبريل، 2020
الذَّكَاءُ الرُّوحِيُّ الانْفِعَالِيُّ
زر الذهاب إلى الأعلى