الحضرة الملكية وعالم التأثير : في الحضرة الموسوية – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

الحَضرَةُ المَلَكِيَّةُ وَعَالَمُ التَّأثِيرِ : في الحَضرَةِ المُوسَوِيَّةِ

– في العَقيدةِ الإسلامِيَّةِ قَانونٌ حَتمِيٌّ وسُنَّةٌ لا تَتَبدَّلُ وحَقيقةٌ ثابتَةٌ، وهيَ أنَّه لا مُؤثِّرَ إلَّا اللهُ تعَالى، فَتَعَالوا نُتابِعُ هذِه الحَقيقةَ الثابِتةَ ضِمنَ سِيَاقِها الإنتربُولوجِي، وَلِنَقتصِرْ على الحَضراتِ الثَّلاثِ السَّابقةِ، والتِي تَناوَلتُها مِنْ حَضرةٍ بَرزَخيَّةٍ بَينَ النَّبوِيَّاتِ والإلَهيَّاتِ، ولِيَكُن مَدارُ بَحثِنا هنا في السَّمعِيَّاتِ لِتَكتَمِلَ أمثلةُ الإنتربُولوجيَا في القرآنِ الكريمِ .

في هذِه الحَضرةِ شَاهدْنا مَشهدَاً جَميلاً بَينَ سَيِّدِنا مُوسَى عليهِ السَّلامُ والسَّيِّدِ الجَليلِ جِبريلَ عليهِ السَّلامُ، حيثُ أنَّ السَّامِريَّ قد شَاهدَ خِلسةً هذَا اللقاءَ المَلَكِيَّ مَعَ هذَا النَّبيِّ عَليهِما السَّلامُ، ولاحظَ أنَّ السَّيِّدَ جِبريلَ عليهِ السَّلامُ كُلَّمَا مَرَّ على شَيءٍ انتَعَشَت بِه الحياةُ وحَيِيَ، فَمَا كانَ مِنَ السَّامِريِّ إلَّا أنْ قَبَضَ قَبْضةً مِنْ أثَرِ الرَّسولِ المَلَكِيِّ، وهوَ السَّيِّدُ جِبريلُ عليهِ السَّلامُ، ثُمَّ صَنعَ عِجلاً مِنْ ذَهبٍ جَمَعَ حولَه بَنِي إسرَائِيلَ في غِيابِ مُوسَى عليهِ السَّلامُ، ثُمَّ قَذفَ بِالأثَرِ الجِبرِيلِيِّ على العَملِ، فإذا بِالعِجلِ يَخُورُ وقد دَبَّت فِيه الحياةُ فَأَدهَشَ مَنْ حولَه، فَاستَغلَّ السَّامِريُّ هذِه اللحظَةِ ونَادى بِالقومِ أنَّ هذَا العِجلَ هوَ إلَه مُوسى وإلَهُكم وكَانَتِ الفِتنةُ .

وَهُنا نَجِدُ مَلحُوظةً هَامَّةً جِداً .

1- أنَّ لِلسَّيِّدِ جِبريلَ عليهِ السَّلامُ أثَرٌ حَياتِيٌّ، فَبِمُرورِه على الأشياءِ تَدِبُّ فيها حَياتُها، فهوَ سَببُ حَياةِ مَا مَرَّ عليهِ .

2- السَّامِريُّ لاحَظَ الأثَرَ الحَيَاتِيَّ فَقبَضَ قَبضَةً مِنْ أثرِ السَّيِّدِ جِبريلَ عليهِ السَّلامُ، والأثرُ هنا هوَ الدَّرَجةُ الثَّالثَةُ في المَسألَةِ .

– فَالمُؤثِّرُ هوَ اللهُ تعَالى، وهذِه هيَ الحَقيقةُ الأُولَى .

– والسَّيدُ جِبريلُ الأثرُ الحَيُّ الأوَّلُ حَامِلُ الأثرِ الحَياتِيِّ لِمَا مَرَّ عليهِ .

– والقَبضَةُ التِي قَبَضها السَّامريُّ هيَ مِنْ أثَرِ السَّيدِ جِبريلَ عليهِ السَّلامُ، فهيَ الأَثَرُ الحَياتيُّ الثَّانِي .

فَالخُلاصَةُ : مُؤَثِّرٌ وَحَامِلٌ مُؤَثَّرٌ فِيهِ وَمُؤَثِّرٌ فيهِ ( هوَ القَبضَةُ ) .

3- قَذفَ السَّامريُّ الأثَرَ الحَياتيَّ الثانِي، وهوَ القَبضةُ على العِجلِ فَخَارَ العِجلُ، وَدَبَّت فيهِ الحياةُ فَكانَ أثَراً حَياتِياً ثَالِثاً .

وعليهِ فَإنَّه في الحَضرةِ المُوسَوِيَّةِ ظهرَ الخُوارُ عَنْ أثرِ القَبضةِ، وهيَ أثَرٌ مَلَكِيٌّ، والمَلَكُ هوَ أثَرُ فِعلِ الخَلقِ الإلَهيِّ المُؤثِّرِ، فَكانَ الخُوارُ الظاهِرُ أثَراً عَنْ أثَرٍ عَنْ أثَرٍ عَنْ مُؤَثِّرٍ .

وفي حَقيقتِهِ البَاطنةِ كمَا هيَ عَقيدتُنا الإسلاميَّةُ المُؤثِّرُ في كُلِّ ذَلكَ هوَ اللهُ تعَالى في كُلِّ مَرحلةٍ، وَلِتَربِطْ معَ هذَا المَبحثِ المَبحثَ اللاحِقَ لِنَعرُجَ مَعاً في مِعرَاجِ إنتربُولوجي في حَقائِقِ التَّأثِيرِ .

 


( من كتاب علم الإنتربُولوجيَا للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى