الجَمعُ بَينَ الحِكمَةِ العَمَلِيَّةِ – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

الجَمعُ بَينَ الحِكمَةِ العَمَلِيَّةِ ونُمُوِّ التَّفكِيرِ العِلْمِيِّ

إنَّ الجَمعَ بينَ الحكمةِ العَمليةِ لِتَكامُلِ الحياةِ ونُمو التفكِيرِ العلميِّ في حَياتِنا الحَاضرَةِ لابُدَّ أنْ يكونَ بِالشُّهودِ لِكُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ، فإنَّه يَدعَمُ في الفردِ الهَوِيَّةَ – بِفتحِ الهَاءِ – المُقيَّدَةَ، ويُعزِّزُ أنوارَ الهُوِيَّةِ – بِضمِّ الهَاءِ – المُتجلِّيةِ عَنهُ .
لأنَّ العبدَ إذا وَصَلَ إلى شُهودِ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ فإنَّ وَعيَ وجُودِ الإطلاقِ هوَ مِنْ أكبرِ مُحفِّزَاتِ المُقيَّدَاتِ نحوَ الارتِقاءِ فَوقَ المَادةِ، والارتِقاءِ فوقَ المُقيَّدَاتِ . 

فإذا انضَبَطَ هذَا التَّحفِيزُ في بَقائِيَّةِ المُقيَّدِ بِالتشرِيعِ الرَّبَّانِيِّ  تَألَّقَت أنوارُه الذاتِيَّةُ، وعاشَ السَّعادةَ، الحَقِيقةَ المُرهفةَ والمُرَفَّهةَ لِكُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ، بَل تُصبِحُ هَوِيَّتُه – بفتح الهاء – مَظهرَاً لِهُوِيَّةِ – بضم الهاء الكُنْهِ، بِلَا حُلولٍ ولا اتِّحادٍ لِعدَمِ وجودِ الاثنَينِيَّةِ .

وتُصبحُ الاثنَينِيَّةُ تَقدِيراً عَقليَّاً يَعِيشُه كُلُّ مُقيَّدٍ لايَشهدُ حَقِيقتَه، وبالتالي فإنَّ كُلَّ مَا يَصدُرُ عَنِ الفردِ البَاقِي بهذَا الكُنْهِ بَعدَ فَنائِه عَنْ نَفْسِه المُقيَّدَةِ بِإطلاقِ كُنْهِ الهُوِيَّةِ المُطلَقِ يكونُ حَقَّانِيَّاً، فيُثرِي الوجُودَ العَقليَّ على الحَقِيقةِ بِمعلومَاتِ الهُوِيَّةِ، فإذا بِالواقِعِ العِلمِيِّ المُقدَّرِ في العُقولِ المُقيَّدَةِ يُصبِحُ أكثرَ نُمُوَّاً لأنَّ العِلمَ هنا يَأتِي مِنْ مَصدَرٍ أعلَى حَقَّانِيَّةً ووَاقِعيَّةً وله حَاكِميَّةٌ وجُوديَّةٌ .

فَمَنْ يَعلَمُ بَعدَ شُهودِ الحَقِيقةِ ليسَ كَمَنْ يَعلَمُ قبلَ شُهودِها .. لا يَستَويَان .

 


( من كتاب الهوية للمفكر الإسلامي الشيخ د. هانيبال يوسف حرب ) .


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى