الاسمُ عَينُ المُسمَّى
في المُقَدِمَة أُرِيدُ أنْ أُنَبِّهَ إلى هَذَا السِّرِّ في القُرآنِ الكَرِيمِ، وَهُوَ أنَّ اللهَ سُبحَانَه وتَعَالى مَا قَالَ أبَداً أنَّنِي سَمَّيتُ نَفْسِي بِالأسمَاءِ الحُسنَى؛ أيْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسمَّى ثُمَّ سمَّى نَفْسَهُ بَل قَالَ : بسم الله الرحمن الرحيم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى طه (8)
فَهَذِهِ الأسمَاءُ لَهُ .. سَوَاءٌ عَلِمَ بِهَا المَخلُوقُ أمْ لَمْ يَعلَمْ .. سَوَاءٌ أكَانَ المَخلُوقُ مَوجُوداً أمْ لَمْ يَكُنْ فَالاسمُ الإلَهِيُّ كَاسمٍ إلَهيٍّ مَوجُودٍ مَعَهُ مِنَ الأزَلِ مُنذُ القِدَمِ ، هُوَ مَوصُوفٌ بِهَا ومُسمَّىً بِهَذِه الأسمَاءِ مُنذُ الأزَلِ فَقَد كَانَ اللهُ وَلَا شَيءَ مَعَهُ كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنِ الرَّسُولِ حَبيبِي المُصطَفَى عَليهِ وآلِ بَيتِهِ كُلُّ الصَّلاةِ والتَّسلِيمِ وَلَه مِني كُلُّ التَّقدِيرِ وصَحبِهِ أجَمَعينَ فَقَد قَالُوا لَه : ” أينَ كَانَ رَبُّنا قَبلَ أنْ يَخلُقُ العَـالَمَ فَقـالَ : كَـانَ اللهُ وَلَا شَيءَ مَعـهُ ” .
أيْ كَانَت هُنَاكَ الذَّاتُ الإلَهيَّةُ وَلَا شَيءَ معَ هذِه الذَّاتِ الإلَهيَّةِ وبِمَا أنَّ الأسماءَ الحُسنَى هِيَ أسمَاؤُه الذَّاتيَّةُ المُتَّصِفَة بِهَا هَذِهِ الذَّاتُ العَليَّةُ فَعَلِمنَا أنَّ الأسمَاءَ الإلهيَّةَ فِي ذَاتِها هِيَ وَاجِبَةُ الوُجُوبِ ، وَاجِبٌ أنْ نَتعَرَّفَ على الذَّاتِ مِنْ خِلَالِ أسمَائِهـا ، كَانَ اللهُ بِأسمَائِـهِ وَلَا شَيءَ معَه فَـلَا تتَّصِفُ الأسمـاءُ بِأنَّهَا شيءٌ غَيـرُ اللهِ سُبحَانَه وتَعَالَى مِنْ حَيثُ القِدَمِ .
هَذَا مَا دَفَعَ بَعضَ المُتوَجِهينَ نَحوَ عَقيدَةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَمَاعةِ بِأنْ يَقُولَ أنَّ الاسمَ عَينُ المُسمَّى لأنَّ اللهَ سُبحَانَه وتَعَالى ضِمْنَ هَذَا الحَديثِ مَا فَرَّقَ بَينَ ذَاتِهِ وأسمَائِـهِ ، فَهُوَ اللهُ ولَا شَيءَ معَهُ، وَهُوَ الرَّزَّاقُ ولَا شَيءَ معهُ، وَهُوَ الشَّافِي ولَا شَيءَ معهُ .
( من كتاب علم الاسم المتجلي الأعلى للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ) .