الاسمُ المُتَجَلِّي الأعْلَى هُوَ حَضْرَةٌ مَعْرِفِيَّةٌ
دَعونَا نُطَـارحُ قَاعدَتينِ مِنْ قَوَاعـدِ عِلْمِ الاسمِ المُتجلِّي الأعلَى :
القَاعدةُ (1) : أنَّ هذَا الاسمَ لا يُعْلَّمُ وإنَّمَا يُعْلَمُ عَنه .
القَاعدةُ (2) : أنَّ الاسمَ لا يُعْلَّمُ ولكـنْ يُعْرَفُ .
مَهمَا تَحدَّثتُ عَنِ الاسمِ الأعلَى وقَواعدِه وضَوابطِه إنَّما أُعَلِّمُكم عَنه مَعلُوماتٍ ، لَن يستطيعَ أحَدٌ بَعدَ قِراءَة هذَا العِلمِ أنْ يَعرِفَ الاسمَ الأعلَى المُتجلِّيَ عَليه ، لأنَّه ليسَ حَضرَةً عِلميَّةً بَل حَضرَةٌ مَعرِفيَّةٌ ، هُو عِبارةٌ عَنْ حَقيقَةٍ تَعيشُها فَتَتَعَرَّفُ عليها ، لِذلكَ اسمُه العَارِفُ بِاللهِ وليسَ العَالِمُ بِاللهِ .
العَالِمُ باللهِ مَنْ دَرَسَ قَوانينَ ودَساتِيرَ الشَّريعَةِ والقرآنِ والحَديثِ واللُّغةِ العَربيَّةِ ، فَمَنْ طَارَح العُلومَ على اختِلافِ دَساتِيرِها وأنوَاعِها اسمُه العَالِمُ باللهِ ، بَينمَا العَارِفُ باللهِ الذِي قَفزَ بِهذِه العُلومِ ، وكانَت وَسيلةً مِنْ وَسائلِ الوُصولِ لِيَعرِفَ ويُطارِح الحَقيقَة بِحقَائِقها بِذَاتِيَّتها ، فَتَتَكشَّفُ لَه ويَتكشَّفُ لَها .
فَالشُّهودُ مَعرِفةٌ ولكنْ لايُمكنُ الوُصولُ إلى هذِه المَعرِفةِ إلاَّ بِالعلمِ عَنْ هذِه الحَقيقَةِ ، فنحنُ نَتعلَّمُ هذَا العِلمَ لِكي تُصبِحَ لَدينَا قَاعدةٌ أسَاسيَّةٌ نَستَنِيرُ بِها في سُلوكِنَا لِلوصُول إلى الحَقيقَةِ الذَّاتيَّةِ ، وقَد نَدَبنَا اللهُ سُبحانَه وتَعَالى ، وأكَّدَ عَلينَا في الكَثيرِ مِنْ دَسَاتيرِ القرآنِ أنَّنَا نَرجِعُ إلى هذَا البَحرِ عِندَما قالَ : { وَإلَيهِ النُّشُورُ } ، وفي مَكانٍ آخرَ { وَإلَيهِ المَصِيرُ } ، وفي مَكانٍ آخرَ قالَ : { وَإلَيهِ تُرْجَعُونَ } ، دَائمَـاً إليـهِ إليـهِ بِالإفـرَادِ .
بسم الله الرحمن الرحيم { قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } الجمعة (8) .
مَتَى يَرُدُّهم إلى عَالِم الغَيبِ والشَّهادةِ ؟ . عندَما يَكونُوا غَافِلينَ في الدُّنيا يَقولُ لَهم : كُنتُم تَعمَلونَ كَذَا وَكَذَا ، فَهُم بِحَاجةٍ إلى الحَضرَةِ العِلميَّةِ فَيَحرِمُهم التَّعرُّفَ ، ويُعَذِّبُهم بالتَّعلُّمِ فَيَتعلَّمُون فَيَعلمُونَ فَيَتَألَّمونَ أنَّهم عَلِموا هذِه الحَقيقَةَ ، كَيفَ لَم يُطَبِّقوها وَوصَلوا إلى مَرحلةِ الشَّاهِدِ والمَشهُودِ ، لَاحِظوا كيفَ يُقسِمُ اللهُ والقَسمُ لايَجوزُ إلاَّ بِشيءٍ عَظيمٍ ، ولمَّا كــانَ اللهُ سُبحانَه وتَعَالى هُو أعظَمُ شَيءٍ في حَيَاتِنــا نحنُ المسلمين ، فَلا نُقسِمُ إلاَّ باللهِ ، ولايَجـوزُ القَسمُ بِغيـرِ اللهِ .
( من كتاب علم الاسم المتجلي الأعلى للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ) .
أقرأ التالي
12 يونيو، 2020
خلق كن خاص بالأولياء
6 يونيو، 2020
الميزان الخاص فقط – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
11 يونيو، 2020
بأي شيئ حازوا العساكر – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية
زر الذهاب إلى الأعلى