الأرواح جنود مجندة – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

 الأرواح جنود مجندة

روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه معلقا مجزوما به عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ . ”  رواه مسلم والبخاري ؛ صحيح البخاري : كتاب أحاديث الأنبياء : باب الأرواح جنود مجندة .


قال النووي معلقا عليه: قال العلماء: معناه جموع مجتمعة أو أنواع مختلفة. وأما تعارفها فهو لأمر جعلها الله عليه. وقيل إنها موافقة صفاتها التي جعلها الله عليها وتناسبها في شيمها. وقيل لأنها خلقت مجتمعة ثم فرقت في أجسادها فمن وافق بشيمه ألفه ومن باعده نافره وخالفه. وقال الخطابي وغيره: تآلفها هو ما خلقها الله عليه من السعادة أو الشقاوة في المبتدأ وكانت الأرواح قسمين متقابلين، فإذا تلاقت الأجساد في الدنيا ائتلفت واختلفت بحسب ما خلقت عليه فيميل الأخيار إلى الأخيار والأشرار إلى الأشرار.انتهى.


وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قوله: الأرواح جنود مجندة.. إلخ قال الخطابي: يحتمل أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد، وأن الخير من الناس يحن إلى شكله، والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره، فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير وشر، فإذا اتفقت تعارفت، وإذا اختلفت تناكرت، ويحتمل أن يراد الإخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجسام وكانت تلتقي فتتشاءم، فلما حلت بالأجسام تعارفت بالأمر الأول فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق من العهد المتقدم .


قال ابن الجوزي : ويستفاد من هذا الحديث أن الإنسان إذا وجد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح فينبغي أن يبحث عن المقتضي لذلك ليسعى في إزالته حتى يتخلص من الوصف المذموم , وكذلك القول في عكسه . 


وقال القرطبي : الأرواح وإن اتفقت في كونها أرواحا لكنها تتمايز بأمور مختلفة تتنوع بها , فتتشاكل أشخاص النوع الواحد وتتناسب بسبب ما اجتمعت فيه من المعنى الخاص لذلك النوع للمناسبة , ولذلك نشاهد أشخاص كل نوع تألف نوعها وتنفر من مخالفها . ثم إنا نجد بعض أشخاص النوع الواحد يتآلف وبعضها يتنافر , وذلك بحسب الأمور التي يحصل الاتفاق والانفراد بسببها .


وقال غيرهم : المراد أن الأرواح أول ما خلقت خلقت على قسمين، ومعنى تقابلها أن الأجساد التي فيها الأرواح إذا التقت في الدنيا ائتلفت أو اختلفت على حسب ما خلقت عليه الأرواح في الدنيا إلى غير ذلك بالتعارف. انتهى


سؤال : هل الأرواح جنود مجندة تسكن أجسادنا لتكون الصلة المباشرة مع الله .. وغذائها ذكر الله من قبلنا .. وهل الروح تتألم تفرح وكيف ذلك ؟

الجواب : نعم الأرواح جند مخلوقون مجندون بين يدي الرب الملك يأخذ بنواصيهم على صراط مستقيم وليس الجسد لهذ الأرواح هو للوصل مع الحق بل الأرواح الإنسانية بحد ذاتها مفطورة على الوصل وإن الأجساد المادية تعيق الروح عن هذا الوصل .. مالم تتزكى الروح وتتحرر من سطوة حكم المادة على الروح  .ولا شك أن فرحك وألمك إنما هو من واردات حسك إلى وعيك فالروح لها عذاباتها كما للجسد له آلامهفنحن نقول آلام الجسد ولا نقول عذابه . ونقول عذاب الروح ولا نقول ألمها  .


سؤال : إنطلاقاً من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( الأرواح جنود مجندة ) .. التعارف والتناكر حصول آني أم أزلي، وهل من الممكن أن يتبدل أو يتغير التعارف إلى تناكر أو العكس فيما بين الأرواح، وإذا أمكن ذلك ما هي كيفيته ؟

الجواب : التعارف أزلي .. ولكنه تعارف ذاتي في خصائص الأرواح لا في معاشها وحياتها الدنيا فلا تظن أن ماتعارف منها أئتلف تعني في المال والشهوات الدنيوية بل هذا التعارف والتآلف أنما هو من نوع روحي .. وهذا التناكر أيضاً كذلك .. ولهذا تجد في دنيانا من يتعارفون ويتآلفون وفي نهاية التجرة أو المصلحة يتناكرون ويتشاتمون .. فهذا قانون دنيوي لأهل الدينا وليس هو نفس القانون المقصود بالحديث الشريف .. بل الحديث الشريف يشرح قانون الحقيقة في عالم الأرواح وإنه منظم بنظامه الروحي لا بنظامنا الدنيوي المعيشي ، ولكن الناس لما جهلت عالم أرواحهم اسقطوا قوانينهم الدنيوية المتعفنة على كل شيء وحاكموا كل شيء بقوانينهم العفنة القاصرة تلك فخبصوا وخبصوا . فانتبه تسلم  .


( نقلا عن كتاب الفوح ببعض أدلة الروح للمفكر الإسلامي د. هانيبال يوسف حرب ).


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى