اعرف نفسك – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

اِعْــرِفْ نَفْسَكَ

عِلمُ الاسمِ المُتجلِّي عِلمٌ جَميْلٌ يُفْهِمُنا أسرَاراً خَصبَةً فِي تَوَجُّه العَبدِ نَحوَ الرَّبِّ ، لأنَّه عِندَما يَعرِفُ العَبدُ أنَّ لَه اسماً خَاصَّاً هُوَ مَنْشَؤُهُ ومَصدَرُ أنوَارِهِ الذَّاتِيَّة مِنَ الحَضرَةِ الذَّاتِيَّة عِندَها يَعرِف سِكَّة الوُصُولِ، ولَمْ يَعُدْ عِندَه هَذا الضَّيَاعُ والتَّشَتَّتُ في تَوَجُههِ نَحوَ الحَقِّ ، يَعرِفُ أنَّ اللهَ سُبحَانه وتَعَالى يَتَوَجَّه عليه مِنْ هَذه الحَضرَة مِنْ هَذا الوَصفِ مِنْ هَذا الاسمِ ، وبِالتَّالي يَستَطيعُ أنْ يَعرِفَ نفسَهُ أكثَـر .

لِذَلك جاءَ في الحَديثِ الحَسَنِ أنَّ أُمَّنَا عَائشةَ سَألتْ ( أيَعرِفُ المَرءُ رَبَّهُ يَا رَسُولَ اللهِ ، قالَ : نَعم يَا عَائشةَ إذا عَرَفَ نَفْسَهُ ) إذا عَرفَ المرءُ رَبَّهُ فَبِالتَّأكيدِ سَيعرِفُ نَفسَه ، ولَكِنَّ الطَّريقَ الأقصَرَ والأكثرَ سُهُولةً بِالنِّسبةِ لَنَا كَمَخلُوقَاتٍ أنْ نَعرِفَ أنفُسنَا فَنَعرِفَ المُتجلِّيَ علينا .

مَثلاً : عندَما أرَى شَخصاً مِنَ الأشخاصِ يُدرِكُ أشيَاءَ مِنَ القُرآنِ لَا يُدرِكها غَيرُه، عندَه الإدرَاكُ والحَضرَةُ الفَعَّالة عَاليةٌ جِداً؛ أيْ أنَّ اللهَ يُمـِدُّه بِالإدرَاكِ والفَعَاليةِ، وهُوَ الدَّرَّاكُ الفَعَّـالُ، وهُوَ تَعرِيفٌ لاسمِ اللهِ الحَيِّ، فَنَعـرِفُ أنَّ المُتجلِّيَ عَلى هذَا العَبـدِ اسمُ اللهِ الحـَيِّ لأنَّه الدَّرَّاكُ الفَعَّالُ .

وعِندما نَرَى شخصَاً يَتَحدَّثُ بِالعُلومِ بالإضافةِ إلى تَجلياتِ العُلومِ التي ظَهَرت عَليه نَعرِفُ أنَّ المُتجلِّيَ عَليه اسمُ اللهِ العليمِ لأنَّه يَأتِي بِعُلومٍ لَمْ يَأتِ بِها أحَدٌ غَيرَه ، هَذا سَبيلٌ لِمَعرفَة النَّفسِ مِنْ خِلالِ مَعرفةِ الاسمِ المُتجلِّي عَليكَ مِنَ الحَضرةِ الإلَهيَّةِ .

بِهذَا الأُسلُوبِ يَفْهَمُ الأشخَاصُ ذَوَاتَهم ، فعِندَما أعرِفُ بالضَّبط الاسمَ المُتجلِّيَ عَلَيَّ أكُونُ في أقرَب طَريقٍ إلى اللهِ أكونُ قَد اخْتَصرتُ المَسافَة الكَونيَّةَ بَينِي وبَينَه ، أيْ رَفعتُ الحُجُبَ عَنْ نَفْسِي، وتَقَرَّبتُ إلى حَضرةِ قَـابِ قَوسَينِ أو أدنَى .

 


( من كتاب علم الاسم المتجلي الأعلى للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى