قال البَاحِث في أيْنِيَّة المَقَام
يصلح ذَوْقُ المُجَدّدِيّ بدايةً لذَوْقِ الأكْبَريّ قدّس الله تعالى سرّه ، فقَوْل الثاني هو خُصوصٌ فيه عَيْن أوّل مِنْ أوْلِياء ، و قَوْل الأوّل هو عين لفظ أوْلِياء ، فكانتْ الأوّليّة بإزاء الياء في بُنْيَة اللفظ فقال الثاني :
و هو بالإزاء أيضاً ، ثمّ عمل الثاني على قَلْبِ محور السؤال إلى محور الجواب بسؤالٍ كان ينبغي أنْ يكون مِنَ الحَكِيم ، و هو عن تفصيلٍ بين نُبُوّة الشَرَائِع و النُبُوّة المُطْلَقَة ، ثمّ دَمَجَ المعاني لاستخلاص معنى نُبُوّة الوِلَاية و بَيَّنَ الحَضْرة التي يَستمِدّون مِنْها ، و أهل ذلك المَقَام هم الأفْرَاد ، و على قَوْل المُجَدّدِيّ فإنّنا نجد أنّ لا أفْرَاد بلا أوّليّة ، لأنّ الواحد أساس في الفَرْدِيّة ، و فَرْدِيّة أيْنِيَّة مَقَام الأوْلِياء ثلاث وحداتٍ رِسَالةٌ و نُبُوّةٌ و وِلَايةٌ ، و لكلٍّ مَقَامٌ ، و هذا سؤالٌ حكيمٌ مِنَ الحَكِيم ، فهو لمْ يسأل أينَ مَقَام الأوْلِياء مِنَ الأنْبِيَاء [1] ، و لهذا كان جواب المُجَدّدِيّ عودة إلى تسلسل السؤال و كشف خُصوصيّة الإزاء ، و الحَمْدُ لله رَبّ العَالَمِين .
قال المَلِك عَبْد المَلِك : أقولُ خِتَاماً للمَبْحَث ، أنّ صيغة السؤال تحوي خُصوصيّةً صُوفيّةً ، مفادها أنّ السؤال على شاكِلَته عند الحَكِيم قدّس الله تعالى سرّه يشير إلى ضرورة التمييز بين التَابِع و المَتْبُوع في حال المَقَام و في حال اسمه ، فبالاسمية فَلَك الوِلَاية أَولى ، و في المَقَامِيّة فَلَك النُبُوّة أَولى ، و دائماً يجتمع الوَلِيّ بالنَبِيّ ، و يتفقان في العِلْم اللّدُنِي و رؤية الخيال في اليقظة ، إلا أنّ الوَلِيّ فقط تابعٌ أبداً و النَبِيّ وَلِيٌّ مَتْبُوعٌ أبداً .
و الله يقولُ الحَقّ و هو يهدي السَبِيل