أنت عبد لله تعالى – موسوعة هانيبال للعلوم الإسلامية الروحية

أنتَ عَبدٌ للهِ تعَالى والعَبدُ يَكونُ على أوصَافِ سَيِّدِه

أَمرَنا اللهُ سُبحانَه وتعَالى جَلَّ جَلالُه وعَزَّ ثَناؤُه بِأنْ نَتخلَّقَ بِأخلَاقِه الكريمةِ وأسمَائِه العَظيمَة وصفَاتِه السَمِيَّةِ، لأنَّنَا عَبيدُه والعَبدُ يَكونُ على أوصَافِ سَيِّدِهِ …

فَلِكونِه رَبٌّ كَريمٌ كانَ على العبدِ أنْ يكونَ كَريمَاً، ولِكونِه رَبٌّ صَبورٌ كانَ على العَبدِ أنْ يكونَ صَبُوراّ، ولِكونِه رَبٌّ لَطيفٌ كانَ على العَبدِ أنْ يكونَ لَطِيفاً، ولِكونِه رَبُّ الأربَابِ كانَ على العِبادِ أنْ يَكونُوا ربَّانِييِّنَ مَنسُوبِينَ إلى رَبِّهمُ العَظيمِ …

ولِكونِه سُبحانِه وتعَالى إلَهاً، فَفِي هذِه الحَالةِ نقولُ مِنَ المُحالِ أنْ يكونَ العَبدُ إلَهاً !

نَقولُ لكَ: بَلى، كونُه إلهاً كانَ على العَبدِ أنْ يكونَ عَبداً، فكُلمَّا تَحقَّقتَ بِعُبودِيَّتك لَه كُلمَّا أظهرَتَ حَقيقَةَ أُلُوهيَّتهِ وعَظمةَ تِلك الألُوهيَّةِ، فَالعبدُ يَسجُدُ للهِ تعالَى، وهذَا إظهَارٌ لِعظمةِ ألُوهيَّتهِ سُبحَانَه وتعَالى، فَإذا أنتَ أظهَرتَ اللُّطفَ لِنَظِيركَ فَلُطفُك هذَا مِنْ لُطفِ اللهِ تعَالَى مِنْ خِلالِكَ … فَلُطفُكَ مِنَ اللَّطيفِ، ورَحمَتُك مِنَ الرَّحمنِ، وكَرمُكَ مِنَ الكريمِ، وانتِقَامُك مِنَ المُنتَقمِ …

واسمٌ مِنْ أسمَائِه تعَالى “الخَلَّاقُ” إذْ يَسمحُ اللهُ الخَالقُ سبحَانَه وتعَالى لِلعبدِ عندَ تَخلُّقِه بِهذا الاسمِ أنْ يَدخُل الأكوانَ فَيقولُ لِلشيءِ كُنْ فَيكونُ … فَيسألُ السَّائلُ كيفَ نتَخلَّقُ بهذَا الاسمِ ؟، لِتَتحقَّقَ تِلك المَسائلُ يُجِيبُه القَائلُ:

يكونُ هذَا بِعلمٍ هوَ ” عِلمُ رُؤيةِ القولِ بِالبَصرِ “ لِأولِي الألبَابِ والنَّظرِ …

حِينَ ترَى الأقوالَ بِعينِ المُشاهدَةِ عندَها تَدخلُ الأكوانَ لِتَسْخِيْرِها، وتقولُ لِلشيءِ كُنْ فيكونُ بِإذنِه تعَالى، وأمَّا كَيفيَّةُ التَّحقُّقِ والوصولِ فهذَا لَه مَنهَجٌ وأُصولٌ، فَتَابعْ مَعِيَ وَلِيِّي في اللهِ تعَالى، تَعلَّمْ وتَفهَّمْ …

فَالنَّبيُّ المُصطفَى المُرسلُ المُحمَّدُ الأعظمُ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وصحبِه وسلَّم ورَدَ عَنه في القرآنِ أنَّه { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {4} النجم

وَرِسالتُه صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وصحبِه وسلَّم رِسالةُ مَحبَّةٍ وغُفرَانٍ، جاءَ فِيها كَيفيَّاتُ التَّحقُّقِ والوصولِ، فَالقرآنُ لهذَا الحَالِ والمَقامِ هوَ المَنهجُ والأُصولُ، وأمَّا مَا نَتَلقَّنُه اليومَ فهوَ كَيفيةُ تَرجمةِ الكَلمةِ مِنْ حَالِ لفظٍ على شِفاهٍ ولِسانٍ إلى حَالٍ وَاقعٍ تَشهدُهُ العِيَانُ .

ولِهذَا الفهمِ أضْرِبُ لَك هذَا المِثالَ فَحالُ الدُّعاءِ مِنْ فَمِ شَيخٍ حَقٍّ يَؤُولُ إلى واقعٍ تَحيَاه وتَشهدُه الشُّهودُ، فَقَولُه ” وَفقكَ اللهُ “ تُتَرجمُ ( الـ و ، والـ ف ، والـ ق ، والـ ك ) إلى حالةِ تَوفيقٍ مُستمِرٍ تَحيَاه وتَشهدُه … فَكلِمتُه لَيستْ خَلْخَلَةَ هواءٍ وحَسبُ، وإنَّمَا حَقائقُ، تَتشكَّلُ وتَتجسَّدُ على أرضِ الوَقائِعِ .

 


( من كتاب علم رؤية القول بالبصر للمفكر الإسلامي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب  ) .


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى